سمّيت إثما ؛ لأنها رأس المآثم وأصلها وأساسها ، كما نبّهنا. وإلى هذا يرجع كلام ابن سيده ، قال : وعندي أنه إنما سمّاها إثما ؛ لأن شربها إثم ، فهو من الإطلاق الشائع الدائر على الألسن ، وضعا ثانويا عرفيا بكثرة الاستعمال. نعم ليس من الوضع اللغوي الأصل.
وإلى هذا المعنى أيضا يرجع إنكار ابن الأنباري أبي بكر النحوي أن يكون الإثم من أسماء الخمر (١) ، لا إنكار استعماله فيها مجازا شائعا. قال الزبيدي : وقد أنكر ابن الأنباري تسمية الخمر إثما ، وجعله من المجاز ، وأطال في ردّ كونه حقيقة (٢). قلت : وهو كذلك بالنظر إلى أصل اللغة.
وأنكره ابن العربي رأسا قال : «لا حجة فيما أنشده الأخفش ؛ لأنه لو قال : شربت الذنب أو شربت الوزر لكان كذلك ، ولم يوجب أن يكون الذنب أو الوزر اسما من أسماء الخمر ، كذلك الإثم. قال : والذي أوجب التكلم بمثل هذا الجهل باللغة ، وبطريق الأدلّة في المعاني».
لكن الفارق أن العرب استعملت «الإثم» في الخمر وتعارف استعماله في عرفهم ، حتى خصّ به على أثر الشياع. أما «الذنب» و «الوزر» فلم يتعارف استعمالهما في ذلك ، ولو تعارف لكان كذلك.
قال القرطبي ـ في ردّه ـ : أنّه مرويّ عن الحسن ، وذكره الجوهري مستشهدا بما أنشده الأخفش ، وهكذا أنشده الهروي في غريبيه ، على أن الخمر : الإثم .. قال : فلا يبعد أن يكون «الإثم» يقع على جميع المعاصي وعلى الخمر أيضا لغة ، فلا
__________________
(١) لسان العرب لابن منظور ، ج ١٢ ، ص ٧.
(٢) تاج العروس بشرح القاموس ، ج ٨ ، ص ١٧٩.