الخمر والميسر ممّا يوجب الإثم ، فثبت بمقتضاهما تحريمهما (١).
والكناية بالإثم عن الخمر ؛ لأنّها أمّ الخبائث ورأس كل إثم (٢) ، كان قد شاع ذلك الوقت وقبله ، وتعارف استعماله. أنشد الأخفش :
شربت الإثم حتى ضلّ عقلي |
|
كذاك الإثم تذهب بالعقول |
وقال آخر :
نهانا رسول الله أن نقرب الخنا |
|
وأن نشرب الإثم الذي يوجب الوزرا (٣) |
وأيضا قال قائلهم في مجلس أبي العباس :
نشرب الإثم بالصّواع جهارا |
|
وترى المسك بيننا مستعارا (٤) |
وقد صرّح الجوهري بوروده في اللغة ، قال : وقد تسمّى الخمر إثما ، ثمّ أنشد البيت الأول. كذلك عدّها الفيروزآبادي أحد معانيه.
وأما إنكار جماعة أن يكون الإثم اسما للخمر ، فهو إنما يعني الإطلاق الحقيقي دون المجاز والاستعارة ، فكل معصية إثم ، غير أن الخمر لشدة تأثيمها
__________________
(١) مرآة العقول بشرح الكافي ، ج ٢٢ ، ص ٢٦٤.
(٢) أخرج الكليني بإسناده إلى أبي عبد الله ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «أن الخمر رأس كل إثم» (الكافي الشريف ، ج ٦ ، ص ٤٠٣)
(٣) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤١٤.
والخنا : الفحش من الكلام ، واستعير لكل أمر قبيح. وقد كنّى بالإثم عن الخمر فإنّها ؛ إذ لو كان بمعنى الوزر لم يكن يوجب الوزر ، ولم يصح تعلّق الشرب به.
(٤) ذكره ابن سيده. (ابن منظور ـ لسان العرب)
والصواع : إناء يشرب فيه. ومستعار : متداول ، أي نتعاوره بأيدينا نشتّمه.