بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ..)(١).
قال عليهالسلام : أمّا «ما ظهر» فهو الزّنى المعلن ، ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية ، وأمّا «ما بطن» فيعني ما نكح من الآباء ، كان الناس قبل البعثة إذا كان للرجل زوجة ومات عنها ، تزوّجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمّه.
قال : وأما «الإثم» فإنّها الخمرة بعينها. وقد قال تعالى في موضع آخر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ، وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ...)(٢).
فالتفت المهديّ إلى علي بن يقطين ـ وكان حاضر المجلس ومن وزرائه ـ وقال : يا عليّ ، هذه والله فتوى هاشميّة! فقال ابن يقطين : صدقت والله يا أمير المؤمنين ، الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت ، فما صبر المهديّ أن قال : صدقت يا رافضي ، وكان يعرف منه الولاء لآل البيت (٣).
وبهذه المقارنة الدقيقة بين آيتين قرآنيتين يعرف التحريم صريحا في كتاب الله ، الأمر الذي أعجب المهديّ العباسي ، واستعظم هذا التنبّه الرقيق والذكاء المرهف الذي حظي به البيت الهاشمي الرفيع.
وهكذا روي عن الحسن تفسير «الإثم» في الآية «بالخمر» (٤).
قال العلامة المجلسي : المراد بالإثم ما يوجبه ، وحاصل الاستدلال أنه تعالى حكم في تلك الآية بكون ما يوجب الإثم محرما ، وحكم في الآية الأخرى بكون
__________________
(١) الأعراف / ٣٣.
(٢) البقرة / ٢١٩.
(٣) الكافي الشريف ، ج ٦ ، ص ٤٠٦.
(٤) مجمع البيان للطبرسي ، ج ٤ ، ص ٤١٤.