أنهى عنها ، لزم تكفيره وتكفير كل من لم يحاربه ، ويفضي ذلك إلى تكفير أمير المؤمنين ؛ حيث لم يحاربه ولم يرد عليه ذلك القول (١).
وأغرب القسطلاني في شرحه على البخاري ، حيث قوله : إنّ نهي عمر كان مستندا إلى نهي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان خافيا على سائر الصحابة ، فبيّنه عمر لهم ؛ ولذلك سكتوا أو وافقوا!! (٢).
اللهمّ إنّ هذا إلّا تخرّص بالغيب ، وتفسير كلام بما لا يرضى صاحبه.
وأشدّ غرابة ما ذكره القوشجي ـ في شرحه على تجريد الاعتقاد للخواجه نصير الدين الطوسي ـ قال : إن عمر قال على المنبر : أيّها الناس ثلاث كنّ على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أنهى عنهنّ وأحرّمهنّ وأعاقب عليهنّ : متعة النساء ، ومتعة الحج ، وحيّ على خير العمل ، ثم اعتذر بأنّ ذلك ليس ممّا يوجب قدحا فيه ، فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع!! (٣)
انظر إلى هذا الرجل العالم المتجاهل ، كيف يجعل من صاحب الرسالة الذي لا ينطق إلّا عن وحي يوحى إليه ، كيف يجعله عدلا لفرد من آحاد أمّته ، ولا سيّما مثل ابن الخطاب الذي أعلن صريحا ومرارا : كلّ الناس أفقه منه (٤).
وبعد ، فلنعطف الكلام عن حديث المتعتين الذي أعلن به عمر على رءوس
__________________
(١) التفسير الكبير ج ١٠ ، ص ٥٣ ـ ٥٤.
(٢) إرشاد الساري بشرح البخاري للقسطلاني ، ج ١١ ، ص ٧٧.
(٣) شرح التجريد آخر مباحث الإمامة.
(٤) وقد عقد ابن أبي الحديد (شرح النهج ، ج ١ ، ص ١٨١) بابا ذكر فيه موارد أفتى فيها عمر ثم نقضها ، وراجع أيضا نوادر الأثر في علم عمر للعلّامة الأميني (الغدير ، ج ٦ ، ص ٨٣ ـ ٣٢٥) وكان مستقانا في هذا العرض.