منع المتعتين منعا مستندا إلى عمر بالذّات ، وليس مستندا إلى شريعة السماء.
الأمر الذي دعا بكثير من النبهاء أن يأخذوا من قولة عمر هذه دليلا على الجواز ، استنادا إلى روايته تاركين رأيه إلى نفسه ، أو لا حجيّة لرأي في مقابلة الشريعة ، كما لا اجتهاد في مقابلة النصّ.
يذكر ابن خلكان ـ في ترجمة يحيى بن أكثم ـ أن المأمون العباسي أمر فنودي بتحليل المتعة. فدخل عليه ابن أكثم فوجده يستاك ، ويقول ـ وهو مغتاظ ـ : متعتان كانتا على عهد رسول الله وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما! ومن أنت يا جعل؟! (١)
وفي لفظ الخطيب : ومن أنت يا أحول حتى تنهى عما فعله النبيّ وأبو بكر؟! (٢)
وذكر الراغب أن يحيى بن أكثم ـ وكان قاضيا في البصرة نصبه المأمون ـ قال لشيخ بالبصرة : بمن اقتديت في جواز المتعة؟ قال : بعمر بن الخطاب! قال : كيف ، وعمر كان أشد الناس فيها؟ قال : لأنّ الخبر الصحيح أنه صعد المنبر ، فقال : إن الله ورسوله قد أحلّا لكم متعتين وإنّي محرّمهما عليكم ومعاقب عليهما. فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه! (٣)
وهناك من الصحابة والتابعين من ثبتوا على القول بالتحليل الأول منذ عهد
__________________
(١) تاريخ ابن خلكان (وفيات الأعيان) ، ج ٦ ، ص ١٤٩ ـ ١٥٠ ، وجعل معناه : لجوج.
(٢) تاريخ بغداد ، ج ١٤ ، ص ١٩٩.
(٣) محاضرات الراغب الأصبهاني ، ج ٢ ، ص ٩٤ (الغدير ، ج ٦ ، ص ٢١٢)