وهذا ابنه عبد الله تراه لا يكترث بنهي نهاه أبوه تفاديا دون سنّة سنّها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونطق بها الكتاب. فقد أخرج أحمد في مسنده عن أبي الوليد ، قال : سأل رجل ابن عمر عن المتعة وأنا عنده (متعة النساء) ، فقال : والله ما كنّا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم زانين ولا مسافحين (١).
وهكذا نجد كبار الصحابة والتابعين ومن ورائهم الفقهاء ، لم يأبهوا بنهي عمر عن متعة الحج ، مع تصريحه بالمنع وإردافه لها مع متعة النساء. وما ذلك إلّا من جهة عدم اعتبار أيّ اجتهاد في مقابلة نصّ الشريعة.
هذا ابن عمر نراه كما لم يكترث بنهي أبيه عن متعة النساء ، كذلك لم يكترث بنهيه عن متعة الحج :
روى الترمذي بإسناده إلى ابن شهاب أنّ سالما حدّثه أنه سمع رجلا من أهل الشام ، وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال عبد الله : هي حلال. فقال الشامي : إن أباك قد نهى عنها! فقال عبد الله : أرأيت إن كان أبي نهى عنها ، وصنعها رسول الله ، أأمر أبي نتّبع ، أم أمر رسول الله؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : لقد صنعها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
وكذلك روى ابن إسحاق عن الزهري عن سالم ، قال : إني لجالس مع ابن عمر في المسجد ؛ إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن جميل. قال : فإنّ أباك كان ينهى عنها! فقال : ويلك ، فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمر به ، أفبقول أبي آخذ أم بأمر رسول
__________________
(١) مسند الإمام أحمد ، ج ٢ ، ص ٩٥.
(٢) جامع الترمذي ، ج ٣ ، ص ١٨٥ ـ ١٨٦ رقم ٨٢٤ كتاب الحج.