لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه. (١) فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة ، لمن عرف الصفة. (٢) فليجل جال بصره ، وليبلغ الصفة نظره (٣) ، ينج من عطب ، ويتخلص من نشب. (٤) فإن التفكر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور. فعليكم بحسن التخلّص وقلّة التربّص. (٥)
وبهذا المعنى قال الإمام أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : «إنّ هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى. فليجل جال بصره ، ويفتح للضياء نظره. فإن التفكّر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور». (٦)
والتفكر المندوب إليه هنا هو التعمّق في دلائل القرآن ودقائق تعبيره ، قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ. وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(٧).
فالتفكر فيه ـ بعد التبيين والبيان ـ هو المندوب إليه ، وهي الغاية القصوى من
__________________
(١) لأنّه أتى بحديث لا يبلى على مرّ الدهور.
(٢) أي دلائله على الهداية واضحة لمن رام الاهتداء به ، فمن عرف هذا الوصف للقرآن أمكنه الاستفادة منه ، قال العلامة المجلسي : صفة التعرّف والاستنباط (مرآة العقول ، ج ١٢ ، ص ٤٧٩)
(٣) أي وليلتفت بنظره إلى هذا الوصف للقرآن ، وإنه هداية عامّة لكافة الناس ، دلائله واضحة ومعالمه لائحة ، لمن استهدى أدلّاء.
(٤) النشب : ما لا مخلص منه.
(٥) الكافي الشريف ، ج ٢ (كتاب فضل القرآن رقم ٢) ، ص ٥٩٨ ـ ٥٩٩. والمراد بحسن التخلص : الصدق في الاخلاص .. وقلة التربّص : كناية عن سرعة الإقدام وأن لا يكف بنفسه عن السعي في الخير.
(٦) الكافي الشريف ، ج ٢ ، ص ٦٠٠ ، رقم ٥.
(٧) النحل / ٤٤.