ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين ، ثم فصل بين الكلام فقال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال : (بِرُؤُسِكُمْ) أن المسح ببعض الرأس ، لمكان «الباء». ثم وصل الرجلين بالرأس ، كما وصل اليدين بالوجه ، فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(١) فعرفنا حين وصلهما بالرأس ، أنّ المسح على بعضهما.
ثم قال : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ). فأثبت بعض الغسل مسحا (٢).
فقد نبّه الإمام على أن زيادة «الباء» في مدخول فعل متعدّ بنفسه لا بدّ فيها من نكتة لافتة ، وليست سوى إرادة الاكتفاء بمجرد مماسّة الماسح مع الممسوح ؛ لأن الباء تدلّ على الربط والإلصاق ، والتكليف يتوجه إلى القيد الملحوظ في الكلام. فإذا وضع الماسح يده على رأسه وأمرّها عليه ، فبأوّل الإمرار يحصل التكليف فيسقط ، ولا دليل على الإدامة ، فالاستيعاب ليس شرطا في المسح.
هكذا نبّه الإمام على إمكان استفادة مثل هذا الحكم التكليفي الشرعي من الآية ، بإمعان النظر في قيود الكلام.
وعن عبد الأعلى مولى آل سام ، قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام : عثرت فانقطع ظفري ، فجعلت على إصبعي مرارة ، فكيف أصنع بالوضوء؟
__________________
(١) هذا بناء على قراءة «وأرجلكم» بالخفض ، كما هي أيضا قراءة مشهورة ، غير أنّ القراءة بالنصب من العطف على المحلّ كما رجّحناه فى مجاله المناسب ، غير أنّ خصوصيّة البعضيّة مفقودة فيها ، حسبما نبهنا عليه.
(٢) من لا يحضره الفقيه ـ أبو جعفر الصدوق ، ج ١ ، ص ٥٦ ـ ٥٧ ، باب ٢١ ، التيمم ، رقم ١ / ٢١٢. والكافي الشريف ، ج ٣ ، ص ٣٠. والوسائل ، ج ١ ، ص ٢٩١ (إسلامية)