قال المولى محمد أمين الاسترابادي (ت ١٠٣٣) :
«الصواب عندي مذهب قدمائنا الأخباريين وطريقتهم. أما مذهبهم فهو أن كلّ ما يحتاج إليه الأمّة إلى يوم القيامة ، عليه دلالة قطعية من قبله تعالى حتى أرش الخدش. وأن كثيرا ممّا جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأحكام ، ومما يتعلق بكتاب الله وسنة نبيه ، من نسخ وتقييد وتخصيص وتأويل ، مخزون عند العترة الطاهرة ، وأن القرآن في الأكثر ورد على وجه التعمية بالنسبة إلى أذهان الرعيّة (١) ، وكذلك كثير من السنن النبويّة. وأنه لا سبيل لنا في ما لا نعلمه من الأحكام النظريّة (٢) الشرعية ، أصليّة كانت أو فرعيّة ، إلا السماع من الصادقين عليهمالسلام وأنه لا يجوز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر الكتاب ولا ظواهر السنن النبوية ، ما لم يعلم أحوالهما من جهة أهل الذكر عليهمالسلام ، بل يجب التوقف والاحتياط فيهما» (٣).
وقال بصدد بيان انحصار مدرك ما ليس من ضروريات الدين من المسائل الشرعية ، أصليّة كانت أو فرعيّة ، في السماع عن الصادقين عليهمالسلام.
«الدليل الثاني : حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ؛ إذ معناه : أنه يجب التمسّك بكلامهم عليهمالسلام ليتحقّق التمسّك بالأمرين. والسرّ فيه أنه لا سبيل إلى فهم مراد الله (٤) إلّا من جهتهم ؛ لأنهم عارفون بناسخه ومنسوخه ، والباقي على إطلاقه ،
__________________
(١) أي على وجه الإجمال والإبهام من غير بيان التفصيل وذكر القيود والشرائط ، فإنها خافية على أذهان العامة غير المطلعين على الشرح والتبيين الذي جاء في كلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) مقصوده من الأحكام النظرية ، المسائل غير الضرورية التي هي بحاجة إلى اجتهاد وإعمال نظر.
(٣) الفوائد المدنية ، ص ٤٧.
(٤) أي المراد الجدّي ـ الذي لا يعرف إلّا بعد الفحص واليأس عن الصوارف من تخصيص أو تقييد أو قرينة مجاز ، دون المراد الاستعمالي المفهوم من ظاهر اللفظ لمجرد العلم بالوضع. ومن الواضح أن التسرّع في الأخذ بظاهر الاستعمال ، في نصوص الشريعة ، غير جائز ، إلّا بعد التريّث والفحص التام.