قابيل كيف يواري سوأة أخيه هابيل حين قتله ، وذلك قول الله (عزوجل) (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ)(١).
قال طاوس : فأخبرني عمن أنذر قومه وهو ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة ، قد ذكره الله في كتابه؟ فقال الإمام : هو النملة حين قالت (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(٢).
قال طاوس : فأخبرني عمن كذب عليه ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة : ذكره الله (عزوجل) في كتابه؟ قال الإمام : الذئب ، الذي كذب عليه اخوة يوسف (عليهالسلام). قال طاوس : فأخبرني عن شيء قليله حلال وكثيره حرام ، وذكره الله (عزوجل) في كتابه؟ قال الإمام : نهر طالوت ، قال الله (عزوجل) (.. إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ)(٣). قال طاوس : فأخبرني عن صلاة فريضة تصلى بغير وضوء ، وعن صوم لا يحجز عن أكل وشرب؟ قال الإمام : أما الصلاة بغير وضوء فالصلاة على النبي وآله عليه وعليهم الصلاة والسلام ، وأما الصوم فقد حكاه الله سبحانه وتعالى عن مريم (عليهاالسلام) بقوله (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)(٤) ، وبعد أن انتهى طاوس اليماني من مسائله لم يخف إعجابه وإكباره بالإمام الباقر (عليهالسلام) ، وذلك بقوله (... اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٥)(٦).
وقد رأينا في هذه المناظرة المنعقدة في الحرم أمام الناس أن الإمام الباقر (عليهالسلام) يجيب سائله بآيات من القرآن الكريم مستنطقا نصوصه ، لا يخرج في الجواب عن حدود كتاب الله تعالى ، وكانت تلك المسائل التي وجهها طاوس اليماني مما يعدّ
__________________
(١) المائدة / ٣١.
(٢) النمل / ١٨.
(٣) البقرة / ٢٤٩.
(٤) مريم / ٢٦.
(٥) الأنعام / ١٢٤.
(٦) الاحتجاج ، الطبرسي ، ٢ / ٦٤ ـ ٦٧+ الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، ٢ / ٤٥٣+ سيرة الأئمة ، هاشم معروف الحسني ، ٢١٦.