المناظرة السادسة : مع عبد الله بن نافع بن الأزرق (١)
جاء في الكافي بسنده : أن عبد الله بن نافع بن الأزرق كان يقول : لو أني علمت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه المطايا يخصمني أن عليا قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحلت إليه ، فقيل له : ولا ولده؟ فقال : أفي ولده عالم؟ فقيل له : هذا أول جهلك ، وهل يخلون من عالم في كل عصر؟ فقال : من عالمهم اليوم؟ قيل له : محمد بن علي بن الحسين بن علي ، فرحل إليه في جمع من أصحابه حتى أتى المدينة ، فاستأذن على أبي جعفر الباقر (عليهالسلام) فقيل له : هذا عبد الله بن نافع ، فقال الإمام : وما يصنع بي وهو يبرئ مني ومن آبائي طرفي النهار. فقال له أبو بصير الكوفي ، جعلت فداك ، إن هذا يزعم أنه لو علم أن بين قطريها أحدا تبلغه المطايا إليه يخصمه أن عليا قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحل إليه ، فقال له الإمام أبو جعفر الباقر (عليهالسلام) : أتراه جاءني مناظرا؟ قال : نعم ، فقال : يا غلام ، اخرج فحط رحله وقل له إذا كان الغد فأتنا ، فلما أصبح ابن نافع الأرزق غدا مع أصحابه ، وبعث أبو جعفر الباقر (عليهالسلام) إلى جميع أبناء المهاجرين والأنصار فجمعهم ، ثم خرج إلى الناس ، وأقبل عليهم فخطب ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله (صلىاللهعليهوآله) ثم قال : الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته واختصنا بولايته ، يا معشر أبناء المهاجرين والأنصار من كانت عنده منقبة لعلي بن أبي طالب فليقم وليتحدث ، فقام الناس فسردوا تلك المناقب ، فقال عبد الله الأزرق : أنا أروي لهذه المناقب من هؤلاء ، وإنما أحدث علي الكفر بعد تحكيمه الحكمين ؛ حتى انتهوا إلى حديث خيبر :
لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله على يديه. فقال أبو جعفر : ما تقول في هذا الحديث؟ قال : هو حق لا شك فيه ، ولكن أحدث الكفر بعده! فقال له أبو جعفر : أخبرني عن الله (عزوجل) أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان ، أم لم يعلم ، فإن قلت لا ، كفرت. فقال : قد علم ، قال الإمام : فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن
__________________
(١) تنسب إلى أبيه الازارقة من الخوارج ، ظ : تاريخ الفرق الإسلامية ، على مصطفى الغرابي ، ٢٧٧.