يعمل بمعصيته؟ فأجابه عبد الله الأزرق : على أن يعمل بطاعته فقال له أبو جعفر قم مخصوما ، فقام عبد الله الأزرق وهو يقول : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(١) و (... اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٢)(٣).
لو قال عبد الله بن نافع بن الأزرق في هذه المناظرة إن الله لا يعلم ـ حاشا لله ـ فقد نسب إليه الجهل وإن قال بأنه يعلم ، فإذا لم يكونوا مستحقين للقتل يكون علي بن أبي طالب قد ارتكب خطأ كبيرا وظلما فاحشا بقتلهم ، فكيف أحبه الله وهو ظالم لعباده والله لا يحب الظالمين المجرمين ، ولا مفر له من الاعتراف باستحقاقهم للقتل ، فخرج هذا الخارجي وأصحابه من مجلس الإمام الباقر (عليهالسلام) مخصومين مدحورين.
المناظرة السابعة : مع رجل من الخوارج
يروى أنه دخل عليه رجل من الخوارج ، فقال له : يا أبا جعفر أي شيء تعبد؟ فقال الإمام : الله ، قال الرجل : أرأيته؟ قال الإمام : بلى ، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يعرف بالقياس ، ولا يدرك بالحواس ، ولا يشبه بالناس ، موصوف بالآيات ، معروف بالدلالات ، لا يجور في حكمه ، ذلك الله لا إله إلا هو. فخرج الرجل وهو يقول : (... اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٤)(٥).
المناظرة الثامنة : مع عمرو بن عبيد (٦)
كان عمرو بن عبيد (ت : ١٤٢ ه) من شيوخ المعتزلة ومؤسسيها ، وقد حظي بإكبار الخليفة أبي جعفر المنصور له عند ما مر الأخير على قبره فرثاه بأبيات ودعا له (٧).
__________________
(١) البقرة / ١٨٧.
(٢) الانعام / ١٢٣.
(٣) روضة الكافي ، الكليني ، ٨ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠+ أعيان الشيعة ، محسن الأمين ، ق ٢ / ٤ / ٣٦ ـ ٣٧.
(٤) الانعام / ١٢٤.
(٥) البدء والتاريخ ، المقدسي ، ١ / ٧٤+ التوحيد ، الشيخ الصدوق ، ٢٣٢+ الاحتجاج ، الطبرسي ، ٢ / ٥٤+ الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، أسد حيدر ، ٢ / ٤٥٣.
(٦) هو أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب ، كان أبوه من سبي سجستان ، شيخ المعتزلة ، وزعيمها الروحي. مات سنة (١٤٢ ه) وقيل غير ذلك. انظر بعض مصادر ترجمته : تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي ، ١٢ / ١٦٦+ وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ١ / ٥٣٥+ المعارف ، ابن قتيبة ، ٢١٢.
(٧) المنية والأمل ، ابن المرتضى ، ٢٤+ وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ١ / ٥٤٨.