وقد التقى بالإمام أبي جعفر الباقر (عليهالسلام) وكان قد قصد امتحانه واختباره فوجه للإمام السؤال الآتي : جعلت فداك ، ما معنى قول تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما). (١). قال الإمام الباقر (عليهالسلام) : كانت السماء رتقا لا تنزل المطر وكانت الأرض رتقا لا تخرج النبات ، فأفحم عمرو ولم يطق جوابا فخرج من مجلس الإمام ثم عاد إليه وقال : جعلت فداك أخبرني عن قوله تعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى)(٢).
ما معنى غضب الله؟ قال الإمام : غضب الله عقابه ، ومن قال إن الله يغيره شيء فقد كفر (٣).
وأفاض الرازي في ذكر الأقوال في معنى الرتق والفتق فذكر ستة أقوال ، السادس هو قول الإمام الباقر (عليهالسلام) في أعلاه وقال : وأكثر المفسرين اختاروا هذا القول واحتجوا على ترجيحه على سائر الأقوال بقوله تعالى عقيبة (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)(٤).
وبعد ذلك ذكر الشبهات التي ترد على هذا التفسير وردّ تلك الشبهات وأضاف تفسيرا آخرا إلى ما اختاره هو من تفسير الإمام الباقر (عليهالسلام) (٥).
فيكون جواب الإمام الباقر (عليهالسلام) لعمرو بن عبيد في معنى الآية الأولى هو الراجح على بقية الأقوال مما جعله لا يطيق ردا لما تقدم به الإمام في تفسير الرتق والفتق في تلك الآية.
ثانيا : موقف الإمام الباقر (عليهالسلام) من غلاة الشيعة
لم تجر بين الإمام الباقر (عليهالسلام) وغلاة الشيعة أي مناظرة تذكر ، وكذلك لم يسجل لنا التاريخ أن واحدا من هؤلاء الغلاة قد التقى بالإمام الباقر (عليهالسلام) غير إننا وجدنا من الأمانة العلمية أن نسجل هنا موقفه من هؤلاء.
__________________
(١) الانبياء / ٣٠.
(٢) طه / ٨١.
(٣) الإرشاد ، الشيخ المفيد ، ٢٩٧+ كشف الغمة الأربلي ، ٢ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩+ الفصول المهمة ، ابن الصباغ المالكي ، ١٩٦+ مطالب السئول ، ابن طلحة الشافعي ، ٨٠.
(٤) الأنبياء / ٣٠.
(٥) أسرار التنزيل وأنوار التأويل ، فخر الرازي ، ١٥٣ ـ ١٦٢.