الحلال والحرام ، أي فيما ثبت أنه عملي ، وواقعي وكما ثبت عنهم أنهم (كانوا يكرهون الكلام فيما ليس تحته عمل) (١).
وهناك أيضا مئات الآيات الكونية لم تفسر ولم يسأل عنها الصحابة لكونها واضحة المعنى وذلك لأن (الآيات الكونية والآفاقية مجال للنظر والتفكير والتدبر ، ويختلف تناولها والاستفادة منها بتغاير العقول والفهوم ، وتتطور بتطور الازمان والاجيال ، فمن ثم كان موقف القرآن منها موقف الداعي الى التفكير والتدبر والملاحظة والتجربة ، والاستفادة بما أودعه الله فيها من أسرار وسنن) (٢).
وما جاء في القرآن الكريم من آيات متشابهات وبيان حكمة التشريعات القرآنية وبيان وجوه اعجاز القرآن والتعمق في أسرار الاسلوب القرآني لم يبين منها شيء (٣) ، فلهذا كله نستطيع أن نقول : أن بيان الرسول الكريم (صلىاللهعليهوآله) المعاني القرآنية كان بحسب الحاجة في ذلك الوقت ولاولئك القوم ، فلم يكونوا بحاجة الى تفسير ما يتلى عليهم مما هم بحقيقته عارفون ، هذا من جهة وأن الصحابة أحيانا يسألون بعضهم بعضا عن المعاني القرآنية وكان فيهم فطاحلة التفسير وجهابذته كالإمام علي وأبي بن كعب وعبد الله بن عباس وغيرهم من جهة أخرى.
وقد التزم الإمام الباقر بتفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية الصحيحة الصدور التزاما دقيقا ، وكان متمسكا بسنة جده رسول الله (صلىاللهعليهوآله) اعتقادا وسلوكا ، وكانت عنده لها من القدسية ما جعله معها مؤرخا مختصا بسيرة جده (صلىاللهعليهوآله) ، ويجدر بنا أن نذكر هنا من أن عدد ما روى الإمام الباقر من روايات تفسيرية في هذا المجال بعد أن أجرينا عليها استقراء شاملا من كتب الحديث والتفسير عند الفريقين وصلت إلى (١٢٨) رواية ، سأعرض لنماذج منها مصنفا طرق اعتماده على السنة في تفسير القرآن على طريقين الأول : بالتصريح بأنها
__________________
(١) الشفا ، القاضي عياض ، ٤ / ٤٣٥+ روح المعاني ، الآلوسي ، ٣ / ٤٧.
(٢) اسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ، محمد أبو شهبة ، ٧١+ ظ : تطور التفسير ، د. محسن عبد الحميد ، ١٩.
(٣) تطور التفسير ، د. محسن عبد الحميد ، ١٨ ـ ٢٠.