الآية يدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو بذلك ناسخ لأولها عند ابن العربي مثلا (١).
الثاني : ما مثله أبو مسلم الأصفهاني بإنكاره لوقوع النسخ في القرآن الكريم وسماها تخصيصا تجنبا منا ـ كما ظن ـ لإبطال حكم قرآني أنزله الله تعالى (٢).
الثالث : ومن العلماء من أقرّ بوقوع النسخ في القرآن الكريم ، إلا أنهم قد اقتصروا على عدد قليل من الآيات (٣). ومن المحدثين من اقتصر به على آية واحدة فقط منهم المحقق الخوئي وأستاذنا الدكتور الجميلي (٤) واشترط العلماء للنسخ عدة شروط يجب تحققها في الناسخ والمنسوخ على حد سواء لكي يضيقوا من دائرته في القرآن الكريم (٥).
غير أنه لا خلاف بينهم في وقوعه إجمالا في القرآن الكريم ، فإن كثيرا من أحكام الشرائع السابقة نسخت بأحكام الشريعة الإسلامية وأن جملة من أحكام هذه الشريعة قد نسخت بأحكام أخرى من هذه الشريعة نفسها ، فقد نص القرآن الكريم مثلا على نسخ التوجه في الصلاة إلى القبلة الأولى وهذا مما لا ريب فيه (٦).
وللإمام الباقر جهود في الناسخ والمنسوخ بعد أن قرر في رواية صحيحة رواها عنه زرارة بن أعين قال : نزل القرآن ناسخا ومنسوخا ، وهذا يعني أن النسخ واقع في القرآن الكريم ، وليس التقييد بأن القرآن كله ناسخ ومنسوخ إذ من غير المعقول أن يكون قول الإمام الباقر في أعلاه محمولا على هذا ، ولم يرد عنه (عليهالسلام) سوى روايات قليلة جدا في الناسخ والمنسوخ لم تتجاوز (٦) روايات في حدود ما استطعنا استقراءه ، وإليك تلك الروايات :
أولا : في قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا
__________________
(١) أحكام القرآن ، ابن العربي ، ١ / ٢٠٥+ ظ : مباحث في علوم القرآن ، د. صبحي الصالح ، ٢٦٤ وانظر مصادره.
(٢) ظ : البرهان في علوم القرآن ، الزركشي ، ٢ / ٣٣+ مناهل العرفان ، الزرقاني ، ٢ / ٨١+ مباحث في علوم القرآن ، د. صبحي الصالح ، ٢٦٢.
(٣) ظ : الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٠ ـ ٢٤.
(٤) ظ : البيان في تفسير القرآن ، الخوئي ، ٢٩٦ ـ ٤٠٣+ محاضرات استاذنا الدكتور الجميلي.
(٥) ظ : أصول الفقه الإسلامي ، محمد مصطفى شلبي ، ٣٥٩+ النسخ في القرآن الكريم ، د. مصطفى زيد ، ١ / ١٨٠ ـ ٢٠٤ ..
(٦) ظ : البيان في تفسير القرآن ، الخوئي ، ٣٠٣.