وقال الشيخ الطوسي (ت : ٤٦٠ ه) وهو يتحدث عن رأي الإمامية في الموضوع : واعلموا أن العرف في مذهب أصحابنا والشائع من أخبارهم وروايتهم أن القرآن نزل بحرف واحد على نبي واحد غير أنهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء ، وأن الانسان مخير بأي قراءة شاء قرأ ، وكرهوا تجريد قراءة بعينها ، بل أجازوا القراءة بالمجاز الذي يجوز بين القراء ، ولم يبلغوا بذلك حد التحريم والحضر (١).
وقد حكى الطبرسي (ت : ٥٤٨ ه) الإجماع عليه فقال : أعلم أن الظاهر من مذهب الإمامية أنهم أجمعوا على جواز القراءة بما تداوله القراء بينهم من القراءات ، إلا أنهم اختاروا القراءة بما جاز بين القراء وكرهوا تجريد قراءة مفردة (٢).
وذهب الشهيد الأول (ت : ٧٨٦ ه) من الإمامية إلى أن القراءات متواترة ، ومجمع على القراءة بها ، وتابعه الخوانساري في ذلك ونفى الخلاف على حجية السبع منهم مطلقا ، والثلاث المكملة للعشر في الجملة ، بل اعتبر تواترها بوجوهها السبعة عن رسول الله عند قاطبة أهل الاسلام (٣).
وقد انتهى السيد العاملي إلى الإجماع على تواتر القراءات ونعتها به وحكاه عن المنتهى والتحرير والتذكرة والذكرى والموجز الحاوي وغيرها من أمهات كتب الإمامية مما يقطع به تواترها حرفا حرفا ، وحركة حركة (٤).
وقد فصل الخوئي في القول فذهب إلى عدم حجية هذه القراءات فلا يستند بها على الحكم الشرعي ، إذ لم يتضح عنده كون القراءات رواية ، فلعلها اجتهادات في القراءة ولكنه جوز الصلاة بها نظرا لتقرير المعصومين لها ، وذلك يشمل كل قراءة متعارفة زمن أهل البيت إلا الشاذة فلا يشملها التقرير (٥).
__________________
(١) التبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي ، ١ / ٤.
(٢) مجمع البيان في تفسير القرآن ، الطبرسي ، ١ / ١٢.
(٣) ظ : روضات الجنات ، الخوانساري ، ٢٦٣.
(٤) مفتاح الكرامة ، العاملي ، ٢ / ٢٩٠.
(٥) ظ : البيان في تفسير القرآن ، الخوئي ، ١٦٤ ـ ١٦٧.