بخلاء أشحاء على الطعام فأعقبهم الله داء لا دواء له في فروجهم ، قلت : وما أعقبهم؟ قال : إن قوم (قرية) لوط كانت على طريق السيارة إلى الشام ومصر فكانت المارة تنزل به فيضيفونهم ، فلما أن كثر ذلك عليهم ضاقوا به ذرعا وبخلا ولؤما ، فدعاهم البخل إلى أن كان إذا نزل بهم الضيف فضحوه من غير شهوة بهم وإنما كانوا يفعلون ذلك بالضيف حتى تنكل النازلة عنهم فشاع أمرهم في القرى وحذرتهم المارة فأورثهم البخل بلاء لا يدفعونه عن أنفسهم في شهوة بهم إليه حتى صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد ، ويعطونهم عليه الجعل فأي داء أعدى من البخل ، ولا أضر عاقبة ولا أفحش عند الله! قال أبو بصير : فقلت له : أصلحك الله ، هل كان أهل قرية لوط كلهم هكذا مبتلين؟ فقال الإمام : نعم ، إلا أهل بيت من المسلمين ، أما تسمع لقوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(١) ثم قال أبو جعفر : إن لوطا لبث مع قومه ثلاثين سنة يدعوهم إلى الله ويحذرهم عقابه ، قال : وكانوا قوما لا يتنظفون من الغائط ولا يتطهرون من الجنابة وكان لوط وأهله يتنظفون من الغائط ويتطهرون من الجنابة ، وكان لوط ابن خالة إبراهيم (عليهالسلام) وكانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط ، وكان إبراهيم ولوط نبيين مرسلين منذرين ، وكان لوط رجلا سخيا كريما يقري الضيف إذا نزل به ويحذره قومه ، قال : فلما أن رأى قوم لوط ذلك قالوا : أنا ننهاك عن العالمين لا تقر ضيفا نزل بك ، فإنك إن فعلت فضحنا ضيفك وأخزيناك فيه ، وكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه ، وذلك أن لوطا كان فيهم لا عشيرة له ، قال : وإن لوطا وإبراهيم لا يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط وكانت لإبراهيم ولوط منزلة من الله شريفة ، وإن الله تبارك وتعالى كان إذا هم بعذاب قوم لوط أدركته مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيه فيؤخذ عذابهم.
قال الإمام الباقر : فلما اشتد أسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضاه أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام حليم فيسلي به مصابه بهلاك قوم لوط فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف
__________________
(١) الذاريات / ٣٥ ـ ٣٦.