ذلك قال يعقوب لولده (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)(١) ، فخرج منهم جماعة معهم بضاعة يسيرة وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطفه على نفسه وولده ، قال : ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر حتى دخلوا على يوسف في دار المملكة (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا)(٢) بأخينا بنيامين وهذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره يسألك تخلية سبيله وأن تمن به عليه ، قال : فأخذ يوسف كتاب يعقوب فقبله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب حتى بلت دموعه القميص الذي عليه ثم أقبل عليهم فقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ)(٣) من قبل (وَأَخِيهِ) من بعد (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ* قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا)(٤) فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم واغفر لنا (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا)(٥) الذي بلته دموع عيني (فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً)(٦) وردهم إلى يعقوب ريح يوسف ، فقال لمن بحضرته من ولده (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ)(٧) قال الإمام الباقر : وأقبل ولده يحثون السير بالقميص فرحا وسرورا بما رأوا من حال يوسف والملك الذي أعطاه الله والعز الذي صار إليه في سلطانه وكان مسيرهم من مصر إلى يعقوب تسعة أيام (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ
__________________
(١) يوسف / ٨٧.
(٢) يوسف / ٨٨.
(٣) يوسف / ٨٩.
(٤) يوسف / ٨٩ ـ ٩٤.
(٥) يوسف / ٩٢ ـ ٩٣.
(٦) يوسف / ٩٣.
(٧) يوسف / ٩٤.