تمهيد
لا ريب في أن القرآن الكريم هو الكتاب المقدس الذي ثبت بالتواتر أنه خاتم الكتب السماوية ، الذي احتوى المضامين المركزية الثلاثة الآتية :
١ ـ المضمون العقائدي (أحكام العقائد) : وفيه الآيات الكريمة التي تحدد التصور الكوني للإسلام حول الحياة والكون والإنسان والخليقة والنبوة وملحقاتها من وحي وعصمة واليوم الآخر وهكذا ، أو الآيات التي تكون من بعض مضامينها هذه الحيثيات ، ومن هذه وتلك تشكل هذه الآيات مجموعة كبيرة من أي الذكر الحكيم.
٢ ـ المضمون التشريعي : وهي الآيات الكريمة التي تشكل الأسس والقواعد الكلية العامة للمنظومة القانونية الإسلامية في العبادات والمعاملات والأحكام الدستورية والدولية ، التي تنظم بمجموعها علاقة الفرد تارة مع ربه وأخرى مع نفسه وثالثة مع الآخرين ، وتنظم علاقته أيضا بالدولة ، وعلاقة الدولة بالأفراد والدول الأخرى وفق هذه القواعد الكلية التي ترك فيها المجال واسعا لفقهاء الأمة الإسلامية كل يستنبط الحكم الشرعي المتعلق بواحدة من هذه المسائل وفق مدركه الشرعي الذي أفاده من البحث والفحص ، ولا يشكل هذا المضمون آيات كثيرة من القرآن الكريم بكثرة المضمون الأول أو الذي يليه.
٣ ـ المضمون التربوي والأخلاقي : وهي الآيات القرآنية الكريمة التي تستهدف بناء الإنسان من الداخل وتكوين الذات الإنسانية المتلقية تلقيا حسنا وامتثاليا للأحكام الاعتقادية والتشريعية ، وزخر القرآن الكريم بمثل هذه الآيات وأخذت صورا شتى في التصوير القرآني للقضايا الأخلاقية المراد معالجتها ، فمرة يجعلها على شكل قصة يضمنها الكثير من الوصايا الأخلاقية ، ومرة أخرى تأخذ شكل فيض من المواعظ الابتدائية المشحونة بكثير من القيم التي من شأنها تهذيب النفس الإنسانية وبرمجة سلوكها وجعلها ترقى إلى أعلى مستوى أخلاقي ، وهذا ما حصل بالفعل بالنسبة للتغيير السلوكي الذي حصل لرجالات الأمة الإسلامية