وللنبوة في اللغة عدة معان منها :
١ ـ الخبر : فهي من النبأ وهو الخبر ، فالنبي من أنبأ عن الله تعالى (١).
٢ ـ الارتفاع : من النبوة وكذلك النباوة ، والنبي على هذا هو الرفيع المنزلة عند الله (٢).
٣ ـ الطريق : باعتبار أنها وسيلة إلى الله تعالى ويقال للرسل عن الله تعالى أنبياء لكونهم طريق الهداية (٣).
وفي الاصطلاح فقد استقر تعريفها عند العلماء بتفضل من الله تعالى على من اختصه بكرامته لعلمه بحميد عاقبته واجتماع الخلال الموجبة في الحكمة بنبوته في الفضل عمن سواه (٤).
وإن مباحث النبوة التي استهدى علماء الكلام للوصول إليها بآيات القرآن الكريم عززت بايضاحات أئمة المسلمين وهم يكشفون النقاب عن مراميها ومقاصدها ، وقد كان للإمام الباقر دور بارز في هذا الكشف من خلال أقواله وآرائه في الآيات ذات الصلة بمبحث النبوة ، فهي على كثرتها حيث بلغت سبعا وعشرين رواية فإننا سنختار وفقا لتسلسل ورودها في ترتيب المصحف الشريف ما نعتبره نموذجا كاشفا عن جهود الإمام في هذا المجال وأثره فيه :
أولا : قبل أن نقف على تلك الروايات يجب علينا ونحن في هذا المبحث أن نوضح الفرق بين النبي والرسول ونكشف عن رأي الإمام الباقر في هذه المسألة فنقول : اختلف العلماء في بيان الفرق بين النبي والرسول على قولين :
الأول : هو ما ذهب إليه جمهور المعتزلة : من أنه لا يوجد فرق بينهما ، فالنبي رسول والرسول نبي (٥).
ومن أدلتهم على ذلك :
__________________
(١) الصحاح ، الجوهري ، ١ / ٧٤ ـ ٧٥+ شرح المقاصد ، التفتازاني ، ٢ / ١٢٨.
(٢) لسان العرب ، ابن منظور ، ١٥ / ٣٠١ ـ ٣٠٢+ شرح مطالع الأنظار ، الاصفهاني ، ١٩٨.
(٣) شرح الأصول الخمسة ، القاضي عبد الجبار ، ٥٦٧.
(٤) أوائل المقالات ، الشيخ المفيد ، ٧٤ ـ ٧٥.
(٥) أعلام النبوة ، الماوردي ، ٣٧ ـ ٣٨+ شرح الأصول الخمسة ، القاضي عبد الجبار ، ٥٦٧ ـ ٥٦٨.