ونقل النسفي قول مجاهد المتقدم فقط ولم يعلق عليه ترجيحا أو تركا (١) ، وأورد القرطبي أربعة أوجه في تفسير الآية فقال : قيل : أراد به ما في السموات من عبادة الملائكة والعجائب وما في الأرض من عصيان بني آدم ... روى معناه الإمام علي عن النبي (صلىاللهعليهوآله) ، وقيل : كشف الله له عن السموات والأرض حتى العرش وأسفل الأرضين ، وروى ابن جريح عن القاسم عن إبراهيم النخعي قال : فرجت له السموات السبع فنظر إليهن حتى انتهى إلى العرش ، وفرجت له الأرضون فنظر إليهن ورأى مكانه في الجنة ... عن السدي ، وقال الضحاك : أراه من ملكوت السماء ما قصه من الكواكب ، ومن ملكوت الأرض البحار والجبال والأشجار ونحو ذلك مما استدل به ، وقال بنحوه ابن عباس (٢).
إذن القول الثاني مما أورده القرطبي يؤيد ما ذهب إليه الإمام الباقر في تفسير الآية ويعزز ما ذهبنا إليه من أن الله تعالى من مقتضيات لطفه أنه يمكن الأنبياء من العلم بالكون المشاهد تفصيلا كما يمكنهم من العلم بالكون المقروء.
ثالثا : في قوله تعالى : (... وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ...)(٣) روى الطبري وغيره عن الإمام الباقر قال : أي في أصلاب النبيين ، نبي بعد نبي ، حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح غير سفاح من لدن آدم (٤) غير أنه لم يرجح قول الإمام الباقر وصوب القول بأن معنى هذه الآية هو : ويرى تقلبك مع الساجدين في صلاتهم معك حين تقوم معهم وتركع وتسجد ، لأن ذلك هو الظاهر من معناه (٥). ويكون بهذا قد أجرى اللفظ على ظاهره.
ونقل ابن الجوزي الأقوال في تفسير هذه الآية بدون أن يرجح واحدا منها فقال : فيه ثلاثة أقوال :
__________________
(١) مدارك التنزيل ، النسفي ، ٢ / ١٩.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٧ / ٢٣ ـ ٢٤.
(٣) الشعراء / ٢١٩.
(٤) جامع البيان ، الطبري ، ١١ / ٥٥+ الدر المنثور ، السيوطي ، ٣ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥+ مجمع البيان ، الطبرسي ، ٧ / ٢٠٧+ تفسير فرات ، فرات بن إبراهيم الكوفي ، ١٠٨.
(٥) جامع البيان ، الطبري ، ١١ / ٥٦.