أوجبها سمعا ، فالقائلون بوجوبها عقلا هم الشيعة الإمامية ومعتزلة بغداد والجاحظ وأبو الحسين من معتزلة البصرة (١).
وانقسم هؤلاء إلى فريقين :
الأول : وهم الإمامية القائلون بوجوبها عقلا على الله تعالى من حيث كانت لطفا (٢) ، وذلك لأنها ضرورية لحفظ الشريعة ودفع المفاسد وإقامة الحدود ونشر الأحكام ، ولا يكفي في ذلك نصب الأنبياء واستحالة تصور إمكان قيام مجتمع بدون حاكم ، وفي نصب الإمامة استجلاب مصالح ودفع مضار لا تحصى فبه يتم صلاح المعاش والمعاد ، والعدالة الإلهية تقتضي ذلك وعناية الله من مستلزماتها أن لا يترك العالم خاليا ممن يدبر أمر الناس (٣) ، وبه قالت الإسماعيلية (٤).
الثاني : وهم معتزلة بغداد الذين قالوا بوجوبها على المكلفين من حيث كان في الرئاسة مصالح دنيوية ودفع مضار دنيوية (٥).
وأما القائلون بوجوبها سمعا فهم معتزلة البصرة والجبائيان ـ أبو علي وأبو هاشم ـ ، وجمهور أهل السنة (٦) ، مستدلين بقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٧).
ويرى العلامة الحلي أنه لكي تكون الإمامة لطفا فلا بد من النص عليه باسمه ونسبه ، ولذلك يذهب الإمامية إلى أنه من منتجات نظرية اللطف أن ينصب الله تعالى للناس إماما في نص صريح بآياته وبأمر منه إلى النبي (صلىاللهعليهوآله) وقد استدلوا بأدلة كثيرة نجد بعض تفسيرها منقولا عن الإمام الباقر ومن تلك الروايات :
ـ في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(٨) برواية بريد بن معاوية العجلي قال : قلت له : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)؟ فقال
__________________
(١) تلخيص الشافي ، الشيخ الطوسي ، ١ / ٦٨+ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ، ٢ / ٣٠٨.
(٢) كشف المراد ، العلامة الحلي ، ٣٢٥+ تجريد العقائد ، المحقق الطوسي ، ٩٣.
(٣) أصول المعارف ، محمد الكاظمي ، ٨٢+ الألفين ، العلامة الحلي ، ١٥.
(٤) المواقف ، الايجي ، ٨ / ٣٤٥.
(٥) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ، ٢ / ٣٠٨.
(٦) المغني ، القاضي عبد الجبار ، ٢٠ / ق ١ / ١٦+ أصول الدين الإسلامي ، البغدادي ، ٧٧١.
(٧) النساء / ٥٩.
(٨) البقرة / ١٤٣.