وقلنا في موضع آخر بأن مفاد القاعدة الأصولية التي تقول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب تجعل سبب النزول الذي ذكره الطبري والسيوطي لا ينحصر معنى الآية فيه ، فلذلك ما ورد عن الإمام الباقر من روايتين في تفسير هذه الآية يعد من بعض مصاديقها.
ثانيا : في قوله تعالى : (... وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ...)(١) روى الفضيل بن يسار عن الإمام الباقر قال : نحن نعلمه (٢).
ثالثا : عن جابر الجعفي قال : سألت أبا جعفر الباقر عن قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ)(٣) قال الإمام الباقر : وأما أولوا العلم الأنبياء والأوصياء وهم قيام بالقسط والقسط العدل (٤).
حصر الإمام الباقر (أولي العلم) بهاتين الشريحتين فقط في حين أن بعض المفسرين ذهب إلى حمل اللفظ على اطلاقه فقال : والمراد بأولي العلم هنا علماء الكتاب والسنة وما يتوصل به إلى معرفتهما إذ لا اعتداد بعلم لا مدخل له في العلم الذي اشتمل عليه الكتاب العزيز والسنة المطهرة (٥).
إذن يمكن حمل قول الإمام الباقر على أن آل البيت (عليهمالسلام) هم من علماء الأمة الإسلامية ومن أعلم الناس بالقرآن الكريم والسنة الشريفة.
رابعا : وعن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر الباقر في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ)(٦) قال الإمام الباقر : نحن منهم ، ونحن بقية تلك العترة (٧).
__________________
(١) آل عمران / ٧.
(٢) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٢ / ٤١٠+ تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ١٦٤+ تفسير القرآن ، القمي ، ١ / ٧١.
(٣) آل عمران / ١٨.
(٤) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ١٦٥+ تفسير نور الثقلين ، العروسي الحويزي ، ١ / ٢٦٨.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٢ / ٢٩٥.
(٦) آل عمران / ٣٣.
(٧) تفسير فرات ، فرات الكوفي ، ٢٠+ تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ١٦٨+ بحار الأنوار ، المجلسي ، ٧ / ٤٦.