البدن إلى الاجتماع بعد التفرق وإلى الحياة بعد الموت والأرواح إلى الأبدان المفارقة (١).
والمعاد أمر أجمعت الشرائع السماوية على تأكيد إثباته ، لأن فيه إشعارا للإنسان بالمسئولية الدائمة عن كل تصرفاته وإعلامه بأن كل ما يفعله في حياته الدنيا سوف يلقاه في الآخرة لقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(٢)(٣). فالمسلمون يعدون الاعتقاد في ثبوته ركنا من أركان الإيمان ويكفر من لا يؤمن به بالاجماع (٤) ، بينما أنكره الدهريون والملاحدة فقط (٥).
واختلف المثبتون للمعاد في كيفيته فمنهم من قال أنه جسماني (٦) ، وذهب بعض الفلاسفة الضالين المضلين المنسلخين من الشخصية الإسلامية إلى إنكار الحشر الجسدي فهو عندهم روحاني فقط (٧) ، ومنهم ـ وهم أكثر علماء المسلمين ـ قد أثبتوا أن المعاد جسماني وروحاني معا واستدلوا بأدلة قاطعة وحجج قارعة دحظت نظرية بعض الفلاسفة الموسومة بالسخف والافتراء وليس هنا محلها (٨).
وقد فصل القرآن الكريم والحديث الشريف في إثبات المعاد جملة وتفصيلا ، وفي الحديث عما يتصل ، وقد ورد في ذلك من الآيات عدد كبير لا سيما وأن القرآن اتخذه وسيلة من وسائل الهداية والارشاد ، ولذلك ورد أن مجموعة من رواة الإمام الباقر سألوه عن معاني بعض هذه الآيات فأجابهم اعتقادا منهم أن موضوع المعاد من الأمور التي تثبت بالنقل طالما ثبت أن هذا النقل متواتر من عند الخبير اللطيف ، لذلك نلاحظ هنا أنّ تلك الروايات التفسيرية المنقولة بواسطتهم عن الإمام الباقر لم تتجاوز العشر روايات حصرا ، ومن تلك الآيات المفسرة فيما يروى من جهة رواة الإمام الباقر بعض النماذج منها :
__________________
(١) جامع العلوم ، الأحمد فكري ، ٢٩٣.
(٢) الزلزلة / ٧ ـ ٨.
(٣) ظ : التفسير الكبير ، الرازي ، ٣٢ / ٦١+ التبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي ، ١٠ / ٣٩٤.
(٤) أصول الدين الإسلامي ، الخطيب البغدادي ، ٢٣٢+ رسالة أضحوية ، ابن سينا ، ٤٠.
(٥) المصدر نفسه والصفحة+ كشف المراد ، العلامة الحلي ، ٢٥١.
(٦) رسالة أضحوية ، ابن سينا ، ٣٨.
(٧) تهافت الفلاسفة ، النزالي ، ٢٨٢+ التفسير الكبير ، الرازي ، ٢١ / ٤٥+ المواقف ، الايجي ، ٨ / ٢٨٩.
(٨) ظ : الاعتقادات ، الشيخ الصدوق ، ٧٥+ المواقف ، الايجي ، ٨ / ٢٩٧.