تمهيد
أن جوهر حركة الفكر الإسلامي يكمن في علمي الفقه وأصوله ، ذلك لأنّ الإسلام نظام متكامل مبني على أصول مستنبطة من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه (صلىاللهعليهوآله) ومن أعمال الصحابة رضوان الله عليهم وفهمهم للكتاب والسنة ومن فهم المسلمين التابعين وتابعيهم ممن كانوا أهلا لفهم نصوص الكتاب والسنة وأعمال الصحابة ، ولقد بنيت على تلك الأصول القوانين العلمية التي تعرف بعلم الفقه ، وهو علم أنجز فيه المسلمون ثروة علمية لم يعرفها المتشرعون في قديم ولا في حديث (١).
وقد امتازت آيات الأحكام بأنها تشكل الأصول التشريعية الرئيسة التي قام عليها الفقه الإسلامي برمته ، وقد افرد لها العلماء مجموعة من المدونات عرفت فيما بعد بتفاسير آيات الأحكام ، وتعد الأحكام العملية ما تنظم أحكام علاقة الإنسان بربه من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها وقد أحصى البعض آياتها فكانت (١٤٠) آية (٢) ، أما أحكام المعاملات فقد كان ما يخص الأحوال الشخصية بما يقرب من (٧٠) آية وذات العدد بالنسبة للأحكام المدينة ، وأحصيت آيات أحكام الجنايات فكانت نحو (٣٠) آية ، أما المرافعات والقضاء وملحقاته فقد كانت (١٣) آية ، وفي الأحكام الدستورية (١٠) آيات ، وفي الأحكام الدولية (٢٥) آية ، أما الأحكام المالية والاقتصادية فقد بلغت عشر آيات (٣).
وبالتتبع وجد الباحث أن حشدا كبيرا من الروايات المنقولة عن الإمام الباقر (عليهالسلام) أفادت بمجموعها رأيا تفسيريا في آيات الأحكام ، محددة الأحكام المستفادة منها والتي جعلها فقهاء الإمامية أدلة مستفادة لمداركهم الشرعية في استنباط الأحكام ، وإطلاق الفتوى ، وقد شكلت تلك الروايات التفسيرية
__________________
(١) عبد الله بن مسعود ، د. عبده الراجحي ، ٨٦.
(٢) أصول الدين الإسلامي ، د. قحطان الدوري ، ٣٥٧.
(٣) ظ : علم أصول الفقه ، عبد الوهاب خلاف ، ٣٣ ـ ٣٥+ الإسلام عقيدة وشريعة ، الشيخ محمود شلتوت ، ٥٠٠ ـ ١٠٢.