وقد اختلف العلماء فيها على ثمانية عشر قولا ، أوردها الشوكاني مع أدلة كل فريق من الأحاديث الشريفة وغيرها (١) ، وكذلك البهوبودي بدون ذكر الأدلة (٢).
وفي الدر المنثور أخرج أحمد وابن منيع والنسائي وابن جرير وغيرهم من طريق الزبرقان : أن رهطا من قريش مرّ بهم زيد بن ثابت وهم مجتمعون فأرسلوا إليه غلامين لهم يسألانه عن الصلاة الوسطى؟ فقال : هي الظهر ثم انصرفا إلى أسامة بن زيد فسألاه فقال : هي الظهر ، أن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان ، والناس في قائلتهم وتجارتهم ، فانزل الله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : لينتهين رجال أو لاحرقن بيوتهم (٣) ، ونقل بأنها الظهر أيضا عن أبي سعيد الخدري وعائشة وعلي رضوان الله عليهم (٤).
ويمكن أن نرجح هذا القول بالاستشهاد له بقوله تعالى (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)(٥) إنه تعالى لم يذكر الصلاة الوسطى بين الطرفين وخصوصا بعد الأمر في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٦) ، المتفق بين المسلمين على أنها صلاة الظهر المعبرة في لسان علي (عليهالسلام) ب (صلاة الأوابين) ـ والله اعلم ـ.
ثالثا : في قوله تعالى : (.. وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ...)(٧).
روي بأسانيد صحيحة عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا : قلنا لأبي جعفر (عليهالسلام) : ما تقول في الصلاة في السفر ، كيف هي وكم هي؟ قال : أن الله
__________________
(١) نيل الأوطار ، الشوكاني ، ١ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦.
(٢) هامش (١) من : كنز العرفان ، المقداد السيوري ، ١ / ٦٢ ـ ٦٣.
(٣) الدر المنثور ، السيوطي ، ١ / ٢٩٨.
(٤) نيل الأوطار ، الشوكاني ، ١ / ٣٣٥.
(٥) هود / ١١٥.
(٦) الإسراء / ٧٨.
(٧) النساء / ١٠٠.