الباقر (عليهالسلام) أنه قال في تفسير هذه الآية : إنه أمر بجهاد الكفار ، والمنافقين بإلزامهم الفرائض (١).
ونقل عن ابن عباس : بأنّ المراد بجهاد المنافقين باللسان ، أي : بإقامة الحجة عليهم والوعظ لهم وقد اختاره الجبائي. ونقل عن الحسن وقتادة : أن جهاد المنافقين هو بإقامة الحدود عليهم (٢).
وفي هذين القولين نظر لأن إقامة الحجة عليهم والوعظ لهم يتطلب من غير النبي (صلىاللهعليهوآله) معرفتهم والنفاق أمر باطن فالرأي غير عملي من الناحية التطبيقية ، أما إقامة الحدود في ما اختاره قتادة فقد جرى مجرى الأغلب ، ولذلك رده ابن العربي فقال : أما تفسير جهادهم ـ أي المنافقين ـ بإقامة الحدود عليهم لاعتبار أنهم اكثر إصابة لمقتضاه فدعوى لا برهان عليها لأن مرتكب ما يوجب الحد عاصي ، وليس العاصي مطلقا منافقا فبينهما عموم وخصوص من وجه (٣) ، وذكر أن المنافق إنما يكون النفاق في قلبه كامنا فلا تلتبس به الجوارح ظاهرا (٤).
فظهر منه أن الراجح هو قول الإمام الباقر (عليهالسلام) إذ إلزامهم بالفرائض هو المطلوب لأن التعامل مع المنافقين عمدته الظاهر.
ثالثا : في قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ ...)(٥).
استدل بهذه الآية على استحباب المرابطة في الثغور حذرا من العدو ، لما رواه الطبرسي عن محمد بن مسلم وزرارة عن الإمام الباقر (عليهالسلام) أنه قال : الرباط ثلاثة أيام وأكثره أربعون يوما فإذا جاوز ذلك فهو جهاد (٦).
ويعضده قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ...)(٧).
__________________
(١) كنز العرفان ، المقداد السيوري ، ٢ / ٣٠.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٨ / ٢٠٤.
(٣) أحكام القرآن ، ابن العربي ، ٢ / ٨٧١.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٨ / ٢٠٥.
(٥) الأنفال / ٦٠.
(٦) التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ٤٢+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ٦ / ١٨.
(٧) آل عمران / ٢٠٠.