وهو واجب على الكفاية على الأشهر ، وعلى الأعيان في المرجوح عند الفقهاء ، ولكن الراجح عندي أنه قد يصير واجبا بحسب الأحوال على الأعيان ، أما لقصور القائمين به أو تعيين ولي الأمر.
وقد وردت مجموعة من الآيات تحث عليه وتفرضه ، وقد أثر تفسير بعضها عن الإمام الباقر (عليهالسلام) ، سنعرض جملة منها :
أولا : في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ...)(١).
نقل الطبرسي عن الإمام الباقر (عليهالسلام) قوله : الحذر هو السلاح ، ثم رجحه على بقية الأقوال مستدلا بأنه أوفق بقياس اللغة ، لأنه من باب حذف المضاف أي آلات حذركم (٢).
وقال السيوري : وفي هذا القول ـ أي قول الطبرسي ـ نظر لأنّ الحذر معطوف على السلاح والعطف يقتضي المغايرة فلزم أن يكون غير السلاح ، واعتباره من باب حذف المضاف خروج عن الظاهر ، ولو قال إنه سمى السلاح حذرا لم يحصل به الحذر فذلك أصوب (٣).
وذكر هذا القول القرطبي في تفسيره : وقيل خذوا السلاح حذرا ، لأنّ به الحذر (٤).
وعموما فان الآية مستند صريح في وجوب الجهاد والتأهب لقتال الكفار والالتزام بمجانبة الغفلة (٥).
ثانيا : في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٦).
الخطاب في الآية للنبي (صلىاللهعليهوآله) وتدخل فيه أمته من بعده (٧) ، قال ابن عباس : هو أمر بجهاد الكفار بالسيف (٨) ، أما المنافقون فقد اختلف فيه فالمأثور عن الإمام
__________________
(١) النساء / ٧١.
(٢) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٣ / ٧٢ ـ ٧٣.
(٣) كنز العرفان ، المقداد السيوري ، ٢ / ١١.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ٢٧٣.
(٥) قلائد الدرر ، الشيخ الجزائري ، ٢ / ١٣٨.
(٦) التوبة / ٧٣.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٨ / ٢٠٤.
(٨) المصدر نفسه والصفحة.