وذكر ابن الجوزي أربعة أقوال في معنى تطويقهم به وهي :
الأول : أنه يجعل كالحية يطوق بها الإنسان ، روى ابن مسعود عن النبي (صلىاللهعليهوآله) قال : ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاع أقرع يفر منه ، وهو يتبعه حتى يطوق في عنقه ، ثم قرأ رسول الله (صلىاللهعليهوآله) (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وهذا مذهب ابن مسعود ومقاتل.
الثاني : إنه يجعله طوقا من نار ، رواه منصور عن مجاهد.
الثالث : إن معنى تطويقهم به : تكليفهم أن يأتوا به ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.
الرابع : إن معناه : يلزم أعناقهم إثمه ، قاله ابن قتيبة (١).
والذي يترجح عندنا هو القول الأول من الأقوال التي ذكرها ابن الجوزي ، وذلك لما رواه البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته ، مثل له ماله شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ، يأخذ بلهزمتيه ـ يعني شدقيه ـ يقول : أنا مالك ، أنا كنزك ، ثم تلا هذه الآية (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ...)(٢).
ولما رواه ابن ماجة بلفظ قريب منه (٣) ، هذا من جهة ولأنه مطابق لما جاء عن الإمام الباقر (عليهالسلام) من جهة أخرى.
فيكون بهذا أن الإمام الباقر (عليهالسلام) قد أفاد من الحديث الشريف المروي عن جده رسول الله (صلىاللهعليهوآله) في الترهيب عن منع الزكاة وفي رسم الصورة البشعة التي سيئول إليها مانع الزكاة.
رابعا : في الترهيب من أكل مال اليتيم بغير حق
ورد في تفسير قوله تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً)(٤).
__________________
(١) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ١ / ٥١٣.
(٢) صحيح البخاري ، ٨ / ٢٧٣.
(٣) سنن ابن ماجة ، ١ / ٥٦٧.
(٤) النساء / ١٠.