وقد عظم القرآن الكريم شأن الأبوين ، وحث على احترامهما وتقديم الرعاية لهما بل وأوجب ذلك ، حيث قال : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً)(١) وقال تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً)(٢).
فقد أعربت هاتان الآيتان عن فضل الوالدين وضرورة مجازاتهما بالشكر والعرفان والبر والإحسان اللائقين بهما ، فأمرت الآية الأولى بشكرهما بعد شكر الله وقرنت الثانية الإحسان إليهما بعبادته تبارك وتعالى.
وعلى هدي القرآن وردت عن الإمام الباقر (عليهالسلام) رواية نقلها عنه محمد بن مسلم الطائفي قال فيها : ثلاث لم يجعل الله تعالى فيهن رخصة : أداء الأمانة إلى البر والفاجر ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين (٣).
وفي طليعة المبادئ الخلقية التي فرضتها الشريعة الإسلامية وأكدت عليها أيضا صلة الرحم ، بالتودد إليهم والعطف عليهم وإسداء العون المادي لهم ودفع المكاره والشرور عنهم ومواساتهم في الأفراح والأحزان ، روى زرارة بن أعين عن الإمام الباقر (عليهالسلام) قال : صلة الرحم تزكي وتنمي الأموال ، وتدفع البلوى وتيسر الحساب (٤).
وفي رواية تفسيرية أخرى يجمع الإمام الباقر (عليهالسلام) فيها بين بر الوالدين وصلة الرحم ناقلا لحديث جده رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ، فقد ورد عن
__________________
(١) لقمان / ١٤ ـ ١٥.
(٢) الإسراء / ٢٣ ـ ٢٤.
(٣) الوافي ، الفيض الكاشاني ، ٣ / ٩٣.
(٤) المصدر نفسه ، ٣ / ٩٤.