اختلف في قائل هذا القول : هل هو من كلام إبراهيم الخليل (عليهالسلام) حيث سأل ربه أن يرزق الكافر أيضا من الثمرات بالبلد الحرام؟ أم هو من كلام الله تعالى عناية ولطفا؟.
ذهب ابن عباس رضي الله عنه : إنه من كلام إبراهيم الخليل (عليهالسلام) وكان يقرأ (فأمتعه) بفتح الهمزة وسكون الميم ثم (اضطره) بوصل الآلف وفتح الراء.
وذهب الإمام الباقر (عليهالسلام) إلى أنه من كلام الرب تعالى ذكره (١) ، واختاره الطبري وصوبه غير أنه أخرجه عن أبي بن كعب (٢).
فيكون المعنى على هذا القول : إن الله تبارك وتعالى يترك من كفر وأصر على كفره يتمتع من الدنيا أمدا قليلا ثم يساق إلى عذاب النار وبئس المرجع والمأوى ، وإن متاع الدنيا وإن بلغ ما بلغ فإنه زائل وقليل في مقابل عذاب الآخرة ، وقد وقعت هذه الجملة في القرآن الكريم في موردين كلاهما مقرونان بالتشديد والتهويل أحدهما الآية أعلاه ، والثاني في قوله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ* نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ)(٣).
وهذا الاضطرار إنما حصل باختيارهم العقائد الفاسدة والأعمال السيئة.
٣ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ)(٤).
اختلف في تبديل الأرض على أي صورة يكون؟
ذهب الإمام علي وابن عباس وانس : إنها تبدل أرضا من فضة.
وذهب ابن مسعود رضي الله عنه إلى أن الأرض في الدنيا تبدل فتصير أرضا بيضاء كالفضة.
__________________
(١) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٧٩+ البرهان في تفسير القرآن ، السيد هاشم البحراني ، ١ / ١٧٦.
(٢) جامع البيان ، الطبري ، ١ / ٥٤٤ ـ ٥٤٥+ الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٢ / ١١٩+ تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، الدمشقي ، ١ / ٢٣٩+ روح المعاني ، الآلوسي ، ١ / ٣٣٢.
(٣) لقمان / ٢٣ ـ ٢٤.
(٤) إبراهيم / ٤٨.