وقبل ذلك أود أن أشير إلى حقيقة مهمة هي أن أولئك الذين تأثروا بالإمام الباقر كان جلهم من الكوفة والقليل منهم من الأمصار الإسلامية الأخرى وأظن أن الأسباب في ذلك معروفة لدى الجميع ، ويمكن تقسيمهم إلى طبقتين رئيستين ، ولا مانع أن يكون أي واحد من كلا الطبقتين مرة من الأولى وأخرى من الطبقة الثانية للتداخل الحاصل بينهما ، ويمكن أن نسمي هاتين الطبقتين ب :
الطبقة الأولى : طبقة المؤلفين ، وهم :
١ ـ أبان بن تغلب (ت : ١٤١ ه)
ولد بالكوفة ، ورحل إلى المدينة المنورة ، وتتلمذ هناك على الإمام زين العابدين أولا ثم على الإمام الباقر ، وانقطع إليه ، واستقر بالمدينة ، وكان من ابرز علماء عصره ، قال له الإمام الباقر : اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فأني أحب أن أرى في شيعتي مثلك (١).
وقال له الإمام الصادق : يا أبان ناظر أهل المدينة ، فإني أحب أن يكون مثلك من رواتي ورجالي (٢).
وقد تأثر أبان بالإمام الباقر (عليهالسلام) ، ونقل عنه آراءه في التفسير ، وكان معتمدا عند العلماء وذكر له قراءة مفردة مشهورة بين القراء (٣).
وكان أبان من ثقاة التابعين المشهورين بالتفسير ، قال فيه العجلي : إنه ثقة ، وقال الذهبي : وثقه أحمد ويحيى وأبو حاتم والنسائي وابن عدي والحاكم ، وقال أيضا : شيعي جلد ولكنه صدوق (٤).
وذكر ابن النديم أن له من الكتب معاني القرآن (٥) ، وكتاب غريب القرآن ذكر شواهده من الشعر (٦) ، وهذان الكتابان من مفقودات التراث العربي الإسلامي.
__________________
(١) معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ١ / ١٠٨.
(٢) الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٢١.
(٣) ميزان الاعتدال ، الذهبي ، ١ / ٥+ تنقيح المقال ، المامقاني ، ١ / ٣.
(٤) ميزان الاعتدال ، الذهبي ، ١ / ٥.
(٥) الفهرست ، ابن النديم ، ٢٧٦+ معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ٢٣.
(٦) معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ٢٣.