ومما يجدر الإشارة إليه أن بعض المؤرخين الكبار ذكر أن زيدا شاور أخاه الإمام أبا جعفر الباقر (عليهالسلام) في الخروج إلى العراق لإعلان الثورة على الأمويين ، فأشار عليه الإمام بأن لا يركن لأهل الكوفة لسابقة الغدر فيهم فأبى زيد إلا ما عزم عليه من المطالبة بالحق ، فقال له الإمام الباقر : أخاف أن تكون غدا المصلوب بكناسة الكوفة ، وودعه أبو جعفر وأعلمه أنهما لا يلتقيان (١).
وهذا الكلام غير صحيح تاريخيا لأنه ثبت فيما تقدم أن وفاة الإمام الباقر (عليهالسلام) على أرجح الأقوال كانت سنة أربع عشرة ومائة واستشهد زيد على أصح الروايات سنة اثنتين وعشرين ومائة ، أما إذا أريد من هذا الكلام أنه كان يحدث نفسه بالثورة أيام حياة الإمام الباقر (عليهالسلام) فان هذا لا يستبعد أبدا ومهما يكن من أمر فان تفاصيل تلك الثورة وحيثياتها ليس لها علاقة بموضوع رسالتنا فمن أراد الاطلاع عليها فليراجعها في مظانها.
الحسين الأصغر
هو الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهمالسلام) يكنى أبا عبد الله (٢) ، تابعي ، مدني (٣) ، أمه أم ولد (٤).
كان من مفاخر الأسرة الهاشمية ، وكان من العلماء البارزين في عصره ، روى حديثا كثيرا عن أبيه ، وعمته فاطمة بنت الحسين وأخيه الإمام أبي جعفر الباقر (عليهالسلام) (٥) ، وكان حليما وقورا تمثلت فيه هيبة المتقين الصالحين.
ووصفه الإمام الباقر (عليهالسلام) فيما تقدم بقوله : وأما الحسين فحليم يمشي على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. وكان ورعا ، تقيا شديد الخوف من الله تعالى يقول سعيد صاحب الحسين بن صالح : لم أر أحدا أخوف
__________________
(١) مروج الذهب ، المسعودي ، ٣ / ١٣٩+ تاريخ ابن الأثير ، ٤ / ٢١٧.
(٢) الرجال ، الطوسي ، ٥٤+ معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ٤ / ٤٣ ـ ٤٤.
(٣) الإرشاد ، الشيخ المفيد ، ٢٩٩.
(٤) عمدة الطالب ، ابن عنبة الأصغر ، ٢ / ٢٩.
(٥) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ٥ / ٣٢٤+ الإرشاد ، الشيخ المفيد ، ٣٠٠+ كشف الغمة ، الأربلي ، ٢ / ٣٤٢+ غاية الاختصار ، ابن زهرة ، ١٥٢.