وقد كان زيد من أعلام الفقهاء وكبار رواة الحديث وقد أخذ علومه من أبيه الإمام زيد العابدين وأخيه الإمام الباقر (عليهالسلام) وغذياه بأنواعها وأخذ عنهما الأصول والفروع ، وقد أكد ذلك الشيخ محمد أبو زهرة في معرض ردّه على من قال بأن زيدا تتلمذ لواصل بن عطاء المعتزلي (١).
وكان الإمام الباقر (عليهالسلام) يجل أخاه زيدا ويكبره ، ويحمل له في نفسه أعمق الود وخالص الحب لأنه توسم فيه أن يكون من أفذاذ العلماء وكبرائهم ، وكان هذا الإكبار يتجلى بصور عديدة حفظها لنا المؤرخون والرواة وإليك بعضا منها :
ـ روي أن الإمام الباقر (عليهالسلام) قال له : لقد أنجبت أم ولدتك يا زيد ، اللهم اشدد أزري بزيد (٢).
ـ روى سدير الصيرفي قال : كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهالسلام) فجاء زيد بن علي وهو عرق فقال له أبو جعفر : اذهب فديتك ، فادخل بيتك وانزع ثيابك ، وصب عليك الماء ثم تعال فحدثني ، ففعل ثم جاء زيد فجعل يقول : قلت كذا ، وقال كذا ، حتى رؤي البشر في وجه أبي جعفر (عليهالسلام) وضرب على كتف زيد ، ثم قال : هذا سيد بني هاشم فإذا دعاكم فأجيبوه وإذا استنصركم فانصروه (٣).
بينت هذه الرواية مدى اهتمام الإمام الباقر (عليهالسلام) بأخيه زيد ورعايته له بكل حنو وعطف واحترام ، ومن جهة أخرى تحمل في طياتها دعوة الإمام الباقر (عليهالسلام) إلى نصرته والذب عنه والحكم بمشروعية ثورته.
قال الشيخ المفيد : وكان زيد بن علي بن الحسين (عليهمالسلام) عين إخوته بعد أبي جعفر (عليهالسلام) وأفضلهم وكان عابدا ورعا فقيها سخيا شجاعا ، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطلب بثارات الحسين (عليهالسلام) ... وكان مقتله يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة وكان عمره يومئذ اثنتين وأربعين سنة (٤).
__________________
(١) ظ : الإمام زيد ، محمد أبو زهرة ، ٢٢٥+ حياة الإمام الباقر ، القرشي ، ١ / ٦٥ ـ ٦٦.
(٢) عمدة الطالب ، ابن عنبة الأصغر ، ٢ / ١٢٧+ غاية الاختصار ، ابن زهرة ، ٣٠.
(٣) غاية الاختصار ، ابن زهرة ، ١٢٩ ـ ١٣٠.
(٤) الإرشاد ، الشيخ المفيد ، ٣٠٠+ كشف الغمة ، الأربلي ، ٢ / ٣٤٠.