على طلابه وتلامذته ولا الشئون الخاصة التي كان يديرها الإمام بنفسه ، لأنه كان يكد على عياله ويباشر أعماله بيديه وبالرغم من ذلك كله فقد أثر عنه أيضا أدعية غاية في إظهار العبودية لله سبحانه وتعالى والافتقار إليه وخاصة تلك التي كان يدعو بها الإمام أثناء سجوده ، ومن المعروف للجميع أن العبد أقرب ما يكون إلى ربه أثناء سجوده ، فكان (عليهالسلام) في سجوده ينقطع عن الدنيا وما فيها وينشغل بقلبه وعقله بمناجاته لربه مظهرا له كامل الانقطاع والإخلاص فقد ورد عنه في هذا المجال أدعية كثيرة كلها تظهر مدى انقطاعه لله ومدى خضوعه وتقواه إلا أننا سنختار بعض النماذج منها للاستدلال على ما قلناه :
ـ روي بسند صحيح عن اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله الصادق (عليهالسلام) قال : كنت أمهد لأبي فراشه فأنتظره حتى يأتي ، فإذا أوى إلى فراشه ونام قمت إلى فراشي ، وقد أبطأ عليّ ذات ليلة فأتيت المسجد في طلبه وذلك بعد ما هدأ الناس ، فإذا هو في المسجد ساجد وليس في المسجد غيره فسمعت حنينه وهو يقول : سبحانك اللهم أنت ربي حقا حقا ، سجدت لك يا ربي تعبدا ورقا ، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي .. اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم (١)
ـ وروي أيضا بسند صحيح عن أبي عبيده الحذاء في دعاء الإمام الباقر (عليهالسلام) أثناء سجوده في إحدى صلواته الرباعية قال : سمعت أبا جعفر يقول وهو ساجد : أسألك بحق حبيبك محمد (صلىاللهعليهوآله) إلا بدلت سيئاتي حسنات وحاسبني حسابا يسيرا. في السجدة الأولى ، ثم قال في السجدة الثانية : أسألك بحق حبيبك محمد (صلىاللهعليهوآله) إلا ما كفيتني مؤنة الدنيا ، وكل هول دون الجنة ، ثم قال في السجدة الثالثة : أسألك بحق حبيبك محمد (صلىاللهعليهوآله) لما أدخلتني الجنة ، وجعلتني من سكانها ، ولما نجيتني من سفعات النار برحمتك ، وصلى الله على محمد وآله (٢).
__________________
(١) الكافي ، الكليني ، ٣ / ٣٢٣.
(٢) الكافي : الكليني ، ٣ / ٣٢٣.