البحث ، وأيّا كان فقد وردت كثير من الروايات والنصوص التي توهم التعارض سواء كانت عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أو عن أئمة آل البيت (عليهمالسلام) ، فوضع الإمام الباقر (عليهالسلام) بعض المرجحات مما يعد برنامجا عمليا للأصوليين في هذا المجال ، وهي :
١ ـ الترجيح بسند الرواية
أي كثرة رواة أحد المتعارضين دون الآخر ، بحيث يحصل من كثرتهم اشتهار الرواية بينهم ، فمع اشتهار أحد المتعارضين يرجح على فاقد الشهرة ، إذ العدد الأكثر أبعد عن الخطأ من الأقل (١) ، فيؤخذ بالمشهور ويطرح الشاذ النادر.
فقد روى زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر الباقر (عليهالسلام) : فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ؟ فقال الإمام أبو جعفر : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر (٢).
ويعضد هذه الرواية ما روي عن أبي عبد الله الصادق (عليهالسلام) قال : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكمنا به ، المجمع عليه من أصحابك ، فيؤخذ به من حكمهما ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه دائما (٣).
ولهذا فإن الشهرة في الرواية ـ والتي أرسى قواعدها الإمام الباقر (عليهالسلام) ـ قد قام الإجماع على الترجيح بها (٤).
٢ ـ رجحان صفات رواة أحد المتعارضين على صفات رواة الآخر
قد عمم بعض الأصوليين الترجيح بصفات الرواة ليشمل كل وصف يغلب معه ظن الصدق (كالثقة والفطنة والورع والعلم والضبط) بل رجح بعضهم
__________________
(١) معالم الدين ، ابن الشهيد الثاني ، ٢٤٣+ المستصفى ، أبو حامد الغزالي ، ٢ / ٣٩٢+ فرائد الأصول ، الشيخ الأنصاري ، ٤٤٣.
(٢) غوالي اللئالي ، أبو جمهور الاحسائي ٢٦٣.
(٣) التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ٣٠١+ من لا يحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق ، ٣ / ٥+ الاحتجاج ، الطبرسي ، ٢ / ١٩٤+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١٨ / ٧٥ ـ ٧٦.
(٤) أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٤ / ٢٥٥.