بعضها بصراحة على الاستصحاب غير ضائرة بعد أن كان البعض الآخر صريحا بالدلالة عليه لتعاضد هذه الأخبار المروية عن الإمام الباقر (عليهالسلام) ، فيكون بهذا قد أرسى قواعد هذا الأصل العملي وكانت الروايات المنقولة عنه أدلة استفادها بعض القائلين بحجية الاستصحاب مطلقا.
ثانيا : علاج التعارض
التعارض لغة : كالتجاذب والتقاتل والتشاور وأمثالها من صيغ التفاعل التي لا تتحقق بطرف واحد (١).
ومن المعاني الاستعمالية للتعارض : التمانع بين شيئين أو أكثر ، أصله الاعتراض بمعنى المنع ، يقال : اعترض البناء في الطريق ، إذا منع السابلة من سلوكه (٢).
أما عند الأصوليين فقد عرف ب : التمانع بين الأدلة الشرعية مطلقا ، بحيث يقتضي أحدهما عدم ما يقتضيه الآخر (٣).
ووضع الأصوليون عند جميع المذاهب الإسلامية شروطا للتعارض وأركانا ، والمجال الذي يمكن جعله من المتعارض وكيفية رفعه إن وجد مما هو مفصل في محله من مؤلفاتهم. وقد درس الأستاذ عبد اللطيف البرزنجي (رحمهالله) التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية برسالة مستقلة استوفى فيها جميع جوانب الموضوع ، موضحا موقف العلماء جميعا من هذا المبحث الأصولي المهم (٤).
وما تطرقنا لهذا الموضوع الأصولي إلا بالقدر الذي نستوضح فيه جهود الإمام الباقر (عليهالسلام) ومدى مشاركته بل تأسيسه للمفهوم الأصولي مدار
__________________
(١) مفتاح الوصول ، أحمد البهادلي ، ٢ / ٢٩٦.
(٢) القاموس المحيط ، الفيروزآبادي ، ٢ / ٣٣٥ ، وقلت : من معانية الاستعمالية ، لأن هذا المعنى مما لحق بالأصل كما يبدو من تتبع موارد هذه الكلمة ، انظرها في القاموس ، ٢ / ٣٣٣ ـ ٣٣٦.
(٣) ظ : التقرير والتحبير ، محمد بن محمد أمير الحاج ، ٣ / ٢٧٦+ التلويح على التوضيح التفتازاني ، ٢ / ١٠٢+ المعتمد ، أبو الحسين البصري ، ٢ / ٨٥٦+ القوانين المحكمة ، الميرزا أبو القاسم القمي ، ٢ / ٢٧٦.
(٤) التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية ، عبد اللطيف عبد العزيز البرزنجي ، ط ١ ، مطبعة العاني ، بغداد ، ١٣٩٧ ه ـ ١٩٧٧ م.