ثجانيا : ان في القرآن أيضا آيات دالة على صدور الآيات من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
منها قوله تعالى :
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ٥٤ : ١. وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ : ٢. وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ ٦ : ١٢٤).
ويدلنا على أن المراد من الآية هنا هي المعجزة : أنه عبّر برؤية الآية ، ولو كان المراد هو آيات القرآن لكان الصحيح أن يعبر بالسماع دون الرؤية وأنه ضم إلى ذلك انشقاق القمر. وأنه نسب إلى الآية المجيء دون الإنزال وما يشبهه. بل وفي قولهم : «سحر مستمرّ» دلالة على تكرر صدور المعجزة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإذا : فلو سلمنا دلالة الآيات السابقة على نفي صدور المعجزة عنه ، فلا بد وأن يراد من ذلك نفيه في زمان نزول هذه الآيات الكريمة ، وما بمعناها ، ولا يمكن أن يراد منه نفي الآية حتى بعد ذلك.
وحاصل جميع ما ذكرناه في هذا المبحث امور :
١ ـ إنه لا دلالة لشيء من آيات القرآن على نفي المعجزات الاخرى سوى القرآن ، بل وفي جملة من الآيات دلالة على وجود هذه المعجزات التي يدّعي الخصم نفيها.
٢ ـ إن إقامة المعجزة ليست أمرا اختياريا للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن ذلك بيد الله سبحانه.
٣ ـ إن اللازم في دعوى النبوة هو إقامة المعجزة التي تتم بها الحجة ويتوقف عليها التصديق. وأما الزائدة على ذلك ، فلا يجب على الله إظهارها ولا تجب على النبي الإجابة إليها.