وهي مليئة بالخرافات والمناقضات ، وألّا يؤمنوا بالقرآن ، وهو الكتاب المتكفل بهداية البشر ، وبسوقهم إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة ، ولكن التعصب داء عضال ، وطلاب الحق قليلون كما أشرنا اليه فيما تقدم.
الثاني : إن القرآن قد يسند الفعل إلى العبد واختياره. فيقول :
(فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) «١٨ : ٢٩».
والآيات بهذا المعنى كثيرة ، فيدلّ على أن العبد مختار في عمله. وقد يسند الاختيار في الأفعال إلى الله تعالى. فيقول :
(وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) «٧٦ : ٣٠».
فزعموا أنه يدل على أن العبد مجبور في فعله. وقالوا : هذا تناقض واضح ، والتأويل في الآيات خلاف الظاهر ، وقول بغير دليل.
الجواب :
إن كل إنسان يدرك بفطرته أنه قادر على جملة من الأفعال ، فيمكنه أن يفعلها وأن يتركها وهذا الحكم فطري لا يشك فيه أحد إلا أن تعتريه شبهة من خارج.
وقد أطبق العقلاء كافة على ذم فاعل القبيح ، ومدح فاعل الحسن ، وهذا برهان على أن الإنسان مختار في فعله ، غير مجبور عليه عند إصداره. وكل عاقل يرى أن حركته على الأرض عند مشيه عليها تغاير حركته عند سقوطه من شاهق إلى الأرض ، فيرى أنه مختار في الحركة الاولى ، وأنه مجبور على الحركة الثانية.
وكل إنسان عاقل يدرك بفطرته أنه وإن كان مختارا في بعض الأفعال حين