وبما قدمناه للقارئ ، يتضح له أن من يدّعي التحريف يخالف بداهة العقل ، وقد قيل في المثل : «حدّث الرجل بما لا يليق ، فإن صدّق فهو ليس بعاقل).
شبهات القائلين بالتحريف :
وهنا شبهات يتشبث بها القائلون بالتحريف لا بد لنا من التعرض لها ودفعها واحدة واحدة :
الشبهة الاولى :
إن التحريف قد وقع في التوراة والإنجيل ، وقد ورد في الروايات المتواترة من طريقي الشيعة والسنة : أن كل ما وقع في الأمم السابقة لا بد وأن يقع مثله في هذه الامة ، فمنها ما رواه الصدوق في «الإكمال» عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق عن آبائه عليهمالسلام قال :
«قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كل ما كان في الأمم السالفة ، فإنه يكون في هذه الأمة مثله حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة» (١).
ونتيجة ذلك : أن التحريف لا بد من وقوعه في القرآن ، وإلا لم يصح معنى هذه الأحاديث.
والجواب عن ذلك :
أولا : أن الروايات المشار إليها أخبار آحاد لا تفيد علما ولا عملا ، ودعوى التواتر فيها جزافية لا دليل عليها ، ولم يذكر من هذه الروايات شىء في الكتب الأربعة ، ولذلك فلا ملازمة بين وقوع التحريف في التوراة ووقوعه في القرآن.
__________________
(١) كمال الدين : ص ٥٧٦ الباب ٥٤. وقد تقدم بعض مصادر هذا الحديث من طرق أهل السنة في ما تقدم من هذا الكتاب.