التعليقة (٤)
ص ٤٥
محادثة بين المؤلف
وحبر يهودي
وقد جرت محادثة بيني وبين حبر من أحبار اليهود تتصل بموضع انتهاء شريعتهم بانتهاء أمد حجتها وبرهانها. قلت له : هل التدين بشريعة موسى عليهالسلام يختص باليهود أو يعم من سواهم من الأمم؟ فإن اختصت شريعته باليهود لزم أن نثبت لسائر الأمم نبيا آخر ، فمن هو ذلك النبي؟ وإن كانت شريعة موسى عامة لجميع البشر ، فمن الواجب أن تقيموا شاهدا على صدق نبوته وعمومها ، وليس لكم سبيل إلى ذلك فإن معجزاته ليست مشاهدة للأجيال الآخرين ليحصل لهم العلم بها ، وتواتر الخبر بهذه المعجزات يتوقف على أن يصل عدد المخبرين في كل جيل إلى حد يمنع العقل من تواطئهم على الكذب ، وهذا شىء لا يسعكم إثباته ، وأي فرق بين إخباركم أنتم عن معاجز موسى عليهالسلام وإخبار النصارى عن معاجز عيسى عليهالسلام وإخبار كل امة اخرى بمعاجز أنبيائها الآخرين فإذا لزم على الناس تصديقكم بما تخبرون به ، فلم لا يجب على الناس تصديق المخبرين الآخرين في نقلهم عن أنبيائهم؟!. وإذا كان الأمر على هذه الصورة فلم لا تصدقون الأنبياء الآخرين ،
فقال : إن معاجز موسى ثابتة عند كل من اليهود ، والنصارى والمسلمين ، وكلهم يعترفون بصدقها. وأما معاجز غيره فلم يعترف بها الجميع ، فهي لذلك تحتاج إلى الإثبات.