١ ـ ان مفهوم مالك أوسع وأشمل ، فإذا قيل : مالك القوم استفيد منه كونه ملكا لهم. وإذا قيل : ملك القوم لم يستفد منه كونه مالكهم ، فقراءة مالك أرجح من قراءة ملك.
٢ ـ ان الزمان لا تضاف اليه كلمة مالك غالبا ، وإنما تضاف اليه كلمة ملك ، فيقال : ملك العصر ، وملوك الأعصار المتقدمة ، فقراءة ملك أرجح من قراءة مالك.
عدم جدوى الترجيح :
والصحيح أن الترجيح في القراءات المعروفة لا محصل له ، فإن القراءات إن ثبت تواترها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا معنى للترجيح ما بينها ، وإن لم يثبت كما هو الحق (١) فإن أوجب الترجيح الجزم ببطلان القراءة المرجوحة فهو ، ودون إثباته خرط القتاد. وإن لم يوجب ذلك ـ كما هو الغالب ـ فلا فائدة في الترجيح بعد أن ثبت جواز القراءة بكل واحدة منها (٢).
والترجيح في المقام باطل على الخصوص ، فإن اختلاف معنى مالك ومعنى ملك إنما يكون إذا كان الملك ـ السلطنة والجدة ـ أمرا اعتباريا فإنه يختلف حينئذ باختلاف موارده ، وهذا الاختلاف يكون في غير الله تعالى ، وأما ملك الله سبحانه فإنه حقيقي ناشئ عن إحاطته القيّوميّة بجميع الموجودات ، فهذه الإحاطة بذاتها منشأ صدق مالك وملك عليه تعالى ، ومن ذلك يتضح أن نسبة مالك إلى الزمان إذا لم تصح في غير الله فلا يلزمها عدم صحتها فيه سبحانه فهو مالك للزمان كما هو مالك لغيره.
__________________
(١) تقدمت أدلة ذلك في الصفحة ١٤٤ من هذا الكتاب.
(٢) تقدم بيان ذلك في الصفحة ١٥٩ من هذا الكتاب.