نبي الإسلام قد نشأ بين أمة وحشية ، لا معرفة لها بشيء من هذه التعليمات؟!!
٤ ـ القرآن والإتقان في المعاني :
تعرّض القرآن الكريم لمواضيع كثيرة العدد ، متباعدة الأغراض من الإلهيات والمعارف ، وبدء الخلق والمعاد ، وما وراء الطبيعة من الروح والملك وإبليس والجن ، والفلكيات ، والأرض ، والتاريخ ، وشئون فريق من الأنبياء الماضين ، وما جرى بينهم وبين أممهم ، وللأمثال والاحتجاجات والأخلاقيات ، والحقوق العائلية ، والسياسات المدنية ، والنظم الاجتماعية والحربية ، والقضاء والقدر ، والكسب والاختيار ، والعبادات والمعاملات ، والنكاح والطلاق ، والفرائض ، والحدود والقصاص وغير ذلك. وقد أتى في جميع ذلك بالحقائق الراهنة ، التي لا يتطرق إليها الفساد والنقد في أية جهة من جهاتها ، ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، وهذا شىء يمتنع وقوعه عادة من البشر ـ ولا سيما ممن نشأ بين أمة جاهلة لا نصيب لها من المعارف ، ولا غيرها من العلوم ـ ولذلك نجد كل من ألّف في علم من العلوم النظرية لا تمضى على مؤلّفه مدة حتى ينضح بطلان كثير من آرائه. فان العلوم النظرية كلما ازداد البحث فيها وكثر ، ازدادت الحقائق فيها وضوحا ، وظهر للمتأخر خلاف ما أثبته المتقدم ، والحقيقة ـ كما يقولون ـ بنت البحث ، وكم ترك الأول للآخر. ولهذا نرى كتب الفلاسفة الأقدمين ، ومن تأخر عنهم من أهل التحقيق والنظر قد صارت عرضة لسهام النقد ممن تأخّر ، حتى أن بعض ما اعتقده السابقون برهانا يقينيا ، أصبح بعد نقده وهما من الأوهام ، وخيالا من الأخيلة.
والقرآن مع تطاول الزمان عليه ، وكثرة أغراضه ، وسموّ معانية ، لم يوجد فيه ما