أذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها ، وباسق أنسابها ، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم ، وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من آدم. وان آدم خلقه الله من طين ، وأن أحب الناس الى الله عزوجل يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم (١) ...» وقال : «فضل العالم على سائر الناس كفضلي على أدناكم» (٢).
فالإسلام قدّم سلمان الفارسي لكمال إيمانه حتى جعله من أهل البيت (٣) وأخّر أبا لهب عم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكفره.
انك ترى أن نبي الإسلام لم يفتخر على قومه بنسب ولا حسب ، ولا بغيرهما مما كان الافتخار به شائعا في عصره ، بل دعاهم إلى الإيمان بالله وباليوم الآخر ، وإلى كلمة التوحيد ، وتوحيد الكلمة ، وبذلك قد تمكن أن يسيطر على أمّة كانت تتفاخر بالأنساب بقلوب ملؤها الشقاق والنفاق ، فأثّر في طباعها حتى أزال الكبر والنخوة منها ، فأصبح الغني الشريف يزوّج ابنته من المسلم الفقير وإن كان أدنى منه في النسب (٤).
هذه شريعة القرآن في إرشاداته وتعاليمه ، تتفقد مصالح الفرد ، ومصالح المجتمع ، وتضع القوانين التي تكفل جميع ذلك ، ما يعود منها الى الدنيا وما يرجع الى الآخرة. فهل يشك عاقل بعد هذا في نبوة من جاء بهذا الشرع العظيم ، ولا سيما إذا لاحظ أن
__________________
(١) الفروع من الكافي : ٥ / ٣٤٠ ، الباب ٢١ ، الحديث : ١
(٢) الجامع الصغير بشرح المناوي : ٤ / ٤٣٢.
(٣) البحار : ١٠ / ١٢٣ ، باب : ٨ ، فضائل سلمان.
(٤) ومن ذلك تزويج زياد بن لبيد وهو من أشرف بني بياضة ابنته من جويبر لاسلامه. وقد كان رجلا قصيرا ذميما محتاجا عاريا ، وكان من قباح السودان. (الفروع من الكافي : ٥ / ٣٤٠ ، الباب ٢١ ، الحديث : ١ باب ان المؤمن كفؤ المؤمنة).