مقدّمة الطبعة الأولى
لما ذا وضعت هذا التفسير؟
كنت ولعا منذ أيام الصبا بتلاوة كتاب الله الأعظم ، واستكشاف غوامضه واستجلاء معانيه. وجدير بالمسلم الصحيح ، بل بكلّ مفكر من البشر أن يصرف عنايته إلى فهم القرآن ، واستيضاح أسراره ، واقتباس أنواره ، لأنه الكتاب الذي يضمن إصلاح البشر ، ويتكفل بسعادتهم وإسعادهم. والقرآن مرجع اللغوي ، ودليل النحوي ، وحجة الفقيه ، ومثل الأديب ، وضالة الحكيم ، ومرشد الواعظ ، وهدف الخلقي ، وعنه تؤخذ علوم الاجتماع والسياسة المدنية ، وعليه تؤسس علوم الدين ، ومن ارشاداته تكتشف أسرار الكون ، ونواميس التكوين ، والقرآن هو المعجزة الخالدة للدين الخالد ، والنظام السامي الرفيع للشريعة السامية الرفيعة.
أولعت منذ صباي بتلاوته ، واستيضاح معانيه ، واستظهار مراميه ، فكان هذا الولع يشتد بي كلما استوضحت ناحية من نواحيه ، واكتشفت سرا من أسراره ، وكان هذا الولع الشديد باعثا قويا يضطرني إلى مراجعة كتب التفسير ، وإلى سبر أغوارها. وهنا رأيت ما أدهشني وحيّرني :