تخصيص القرآن بخبر الواحد :
إذا ثبتت حجية الخبر الواحد بدليل قطعي فهل يخصص به عموم ما ورد في الكتاب العزيز؟ ذهب المشهور إلى جواز ذلك ، وخالف فيه فريق من علماء أهل السنة ، فمنعه بعضهم على الإطلاق. وقال عيسى بن أبان : إن كان العام الكتابي قد خص ـ من قبل ـ بدليل مقطوع به جاز تخصيصه بخبر الواحد وإلا لم يجز. وقال الكرخي : إذا خص العام بدليل منفصل جاز تخصيصه بعد ذلك بخبر الواحد وإلا فلا. وذهب القاضي أبو بكر إلى الوقف (١).
والذي نختاره :
هو القول المشهور. والدليل على ذلك ان الخبر ـ كما فرضنا ـ قطعي الحجية ، ومقتضي ذلك أنه يجب العمل بموجبه ما لم يمنع منه مانع.
شبهات وأقوال :
وما توهم منعه عن ذلك امور لا تصلح للمنع :
١ ـ قالوا : إن الكتاب العزيز كلام الله العظيم المنزل على نبيه الكريم ، وذلك قطعي لا شبهة فيه. وأما خبر الواحد فلا يقين بمطابقته للواقع ، ولا بصدور مضمونه عن المعصوم إذ لا أقل من احتمال اشتباه الراوي. والعقل لا يجوّز أن ترفع اليد عن أمر مقطوع به لدليل يحتمل فيه الخطأ.
والجواب عن ذلك :
ان الكتاب ـ وإن كان قطعي الصدور ـ إلا أنه لا يقين بأن الحكم الواقعي على
__________________
(١) اصول الأحكام للآمدي : ٣ / ٤٧٢.