فهم المخصوصون بعلم القرآن على واقعه وحقيقته ، وليس لغيرهم في ذلك نصيب. هذا هو معنى المرسلة وإلا فكيف يعقل أن أبا حنيفة لا يعرف شيئا من كتاب الله حتى مثل قوله تعالى :
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) «١١١ : ١».
وأمثال هذه الآية مما يكون صريحا في معناه ، والأخبار الدالة على الاختصاص المتقدم كثيرة جدا ، وقد تقدم بعضها.
٢ ـ النهي عن التفسير بالرأي
: إن الأخذ بظاهر اللفظ من التفسير بالرأي ، وقد نهى عنه في روايات متواترة بين الفريقين.
والجواب :
إن التفسير هو كشف القناع كما قلنا ، فلا يكون منه حمل اللفظ على ظاهره ، لأنه ليس بمستور حتى يكشف ، ولو فرضنا أنه تفسير فليس تفسيرا بالرأي ، لتشمله الروايات الناهية المتواترة ، وإنما هو تفسير بما يفهمه العرف من اللفظ ، فإن الذي يترجم خطبة من خطب نهج البلاغة ـ مثلا ـ بحسب ما يفهمه العرف من ألفاظها ، وبحسب ما تدل القرائن المتصلة والمنفصلة ، لا يعدّ عمله هذا من التفسير بالرأي.
وقد أشار إلى ذلك الإمام الصادق عليهالسلام بقوله : «إنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه ، ولم يعرفوا حقيقته ، فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم ، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء فيعرفونهم». (١)
__________________
(١) الوسائل : ٢٧ / ٢٠١ ، باب ١٣ ، الحديث ٣٣٥٩٣.