وفي رواية زيد الشحام ، قال :
«دخل قتادة على أبي جعفر عليهالسلام فقال له : أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال : هكذا يزعمون. فقال عليهالسلام بلغني أنك تفسّر القرآن. قال : نعم (إلى أن قال) يا قتادة إن كنت قد فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد فسّرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، يا قتادة ـ ويحك ـ إنما يعرف القرآن من خوطب به». (١)
والجواب :
إن المراد من هذه الروايات وأمثالها أن فهم القرآن حق فهمه ، ومعرفة ظاهره وباطنه ، وناسخه ومنسوخه مختص بمن خوطب به. والرواية الأولى صريحة في ذلك ، فقد كان السؤال فيها عن معرفة كتاب الله حق معرفته ، وتمييز الناسخ من المنسوخ ، وكان توبيخ الإمام عليهالسلام لأبي حنيفة على دعوى معرفة ذلك.
وأما الرواية الثانية فقد تضمنت لفظ التفسير ، وهو بمعنى كشف القناع ، فلا يشمل الأخذ بظاهر اللفظ ، لأنه غير مستور ليكشف عنه القناع ، ويدل على ذلك أيضا ما تقدم من الروايات الصريحة في أن فهم الكتاب لا يختص بالمعصومين عليهمالسلام ويدل على ذلك أيضا قوله عليهالسلام في المرسلة : «وما ورّثك الله من كتابه حرفا» (٢) فإن معنى ذلك أن الله قد خص أوصياء نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بإرث الكتاب ، وهو معنى قوله تعالى :
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) «٣٥ : ٣٢».
__________________
(١) الوسائل : ٢٧ / ١٨٥ ، باب ١٣ ، الحديث : ٣٣٥٥٦.
(٢) الوسائل : ٢٧ / ٤٨ ، باب ٦ ، الحديث : ٣٣١٧٧.