حاشا قدس المسيح من هذا البهتان العظيم. فقد جاء في العاشر اللاويين أن الرب قال لهارون : «خمرا ومسكرا لا تشرب أنت وبنوك معك عند دخولكم خيمة الاجتماع لكي لا تموتوا ، فرضا دهريا في أجيالكم ، وللتمييز بين المقدس والمحلل ، وبين النجس والطاهر». وفي الأول من لوقا في مدح يوحنا المعمدان : «لأنه يكون عظيما أمام الرب خمرا ومسكرا لا يشرب». إلى غير ذلك مما دلّ على حرمة شرب الخمر في العهدين.
هذه أمثلة يسيرة في كتب العهدين الرائجة من سخافات وخرافات ، وأضاليل وأباطيل لا تلتئم مع البرهان ، ولا تتمشى مع المنطق الصحيح ، وضعناها أمام القارئ ليمعن النظر فيها ، وليحكّم عقله ووجدانه. وهل يمكن أن يحكم أن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم قد اقتبس معارفه ، وأخذ محتويات قرآنه العظيم من هذه السخافات وهو على ما هو عليه من سموّ المعارف ، ورصانة التعليم؟ وهل يمكن أن تنسب هذه الكتب السخيفة إلى وحي السماء وهي التي لوّثت قداسة الأنبياء بما ذكرناه وبما لم نذكره (١)؟
٢ ـ القرآن والاستقامة في البيان :
قد علم كل عاقل جرّب الأمور ، وعرف مجاريها أن الذي يبني أمره على الكذب والافتراء في تشريعه وأخباره ، لا بد من أن يقع منه التناقض والاختلاف ، ولا سيما إذا تعرّض لكثير من الأمور المهمة في التشريع والاجتماع والعقائد ، والنظم الأخلاقية المبتنية على أدق القواعد ، وأحكم الاسس ، ولا سيما إذا طالت على ذلك المفتري
__________________
(١) راجع الهدى إلى دين المصطفى. والرحلة المدرسية لشيخنا البلاغي. وكتابنا الاعجاز ، تجد في هذه الكتب ، الشيء الكثير من نقل هذه الخرافات. (المؤلف)