ومما يقرب اختصاص هذا اللفظ به قوله تعالى :
(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) «١٩ : ٦٥».
فان الملحوظ أن الله تعالى قد اعتنى بكلمة «الرحمن» في هذه السورة «مريم» حتى كررها فيها ست عشرة مرة. وهذا يقرّب أن المراد بالآية الكريمة أنه ليس لله سميّ بتلك الكلمة.
الرحيم :
صفة مشبهة ، أو صيغة مبالغة. ومن خصائص هذه الصيغة أنها تستعمل غالبا في الغرائز واللوازم غير المنفكة عن الذات : كالعليم والقدير والشريف ، والوضيع والسخي والبخيل والعلي والدّني. فالفارق بين الصفتين : أن الرحيم يدل على لزوم الرحمة للذات وعدم انفكاكها عنها ، والرحمن يدل على ثبوت الرحمة فقط. ومما يدل على أن الرحمة في كلمة «رحيم» غريزة وسجية : أن هذه الكلمة لم ترد في القرآن عند ذكر متعلقها إلا متعدية بالباء ، فقد قال تعالى :
(إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ٢ : ١٤٣. (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) «٣٣ : ٤٣».
فكأنها عند ذكر متعلقها انسلخت عن التعدية إلى اللزوم. وذهب الآلوسي إلى أن الكلمتين ليستا من الصفات المشبهة ، بقرينة إضافتها إلى المفعول في جملة : «رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما». والصفة المشبهة لا بد من أن تؤخذ من اللازم (١).
وهذا الاستدلال غريب ، لأن الإضافة في الجملة المذكورة ليست من الإضافة
__________________
(١) تفسير الآلوسي : ١ / ٥٩.